والثاني: أنَّ السائل لما أَلَحَّ استحقَّ العقوبة، فغاية الأمر أن يكون هذا الدعاء كالدعاء عليه، وهو مستحقٌّ لذلك.
والثالث: ما جاء في أحاديث الصدقة أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يعطي مَن يُلِحُّ عليه وإن كان غير مستحقٍّ، ثم يبيِّن أنه لا خير لهم في ذلك.
ففي حديث معاوية ــ عند مسلمٍ ــ: قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لا تُلْحِفوا في المسألة، فوالله لا يسألني أحدٌ منكم شيئًا فتُخرِج له مسألته منِّي شيئًا وأنا له كارهٌ فيُبارَك له فيما أعطيته»(١).
وفي حديث عمر ــ عند مسلمٍ في صحيحه ــ:«إنهم خيَّروني بين أن يسألوني بالفحش وبين [٥٢٦] أن يبخِّلوني، فلست بباخلٍ»(٢).
ومما يتعلَّق بسؤال الدعاء بنفعٍ دنيويٍّ حديث الصحيحين في السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنَّة بغير حسابٍ، فإن فيه:«كانوا لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيَّرون، وعلى ربِّهم يتوكَّلون»، فقام إليه عُكَّاشة بن مِحْصَنٍ، فقال:«ادعُ الله أن يجعلني منهم»، قال:«اللهمَّ اجعله منهم»، ثم قام إليه رجلٌ آخر، قال:«ادعُ الله أن يجعلني منهم»، قال:«سبقك بها عُكَّاشة»(٣).
(١) صحيح مسلمٍ، كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، ٣/ ٩٥، ح ١٠٣٨. [المؤلف] (٢) صحيح مسلمٍ، كتاب الزكاة، باب إعطاء مَن سأل بفحشٍ وغلظةٍ، ٣/ ١٠٣، ح ١٠٥٦. [المؤلف] (٣) البخاريّ، كتاب الرقاق، بابٌ يدخل الجنَّة سبعون ألفًا بغير حسابٍ، ٨/ ١١٢ - ١١٣، ح ٦٥٤١. مسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنَّة بغير حسابٍ ولا عذابٍ، ١/ ١٣٨، ح ٢١٨. [المؤلف]