فبيّنٌ من السياق أن (١) المراد بالظلم ههنا الشرك؛ لأن الكلام مراجعة من إبراهيم ــ عليه الصلاة والسلام ــ لقومه المشركين، فقال: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ [عَلَيْكُمْ](٢) سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
والفريقان: أحدهما: نفسه والذي آمن بالله تعالى ولم يشرك به شيئًا، والفريق الآخر: قومه الذين كانوا مشركين.
فقوله ــ عليه الصلاة والسلام ــ:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} يعني نفسَه ومن كان على طريقته.
فإن قال قائل: فإن قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا} يفيد أنهم لم يكونوا مشركين.
قلتُ: كلا، وإنما يفيد هنا أنهم اعترفوا بألوهية الله عز وجل كما قال تعالى:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}[يوسف: ١٠٦]. قال البخاري في كتاب التوحيد (٣): باب قول الله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ
(١) تكررت في الأصل. (٢) سقطت في الأصل. (٣) (٩/ ١٥٢ - السلطانية).