ثالثاً بيان المقصود من الحديث بحمل الروايات على بعضها:
قد لا يظهر المقصود والمعنى من رواية واحدة، ولا يمكن فهمه إلا بالاستعانة برواية أخرى حتى يتضح المعنى، ويظهر المقصود، قال ابن حجر ﵀:«المتعيّن على من يتكلم على الأحاديث، أن يجمع طرقها ثم يجمع ألفاظ المتون إذا صحت الطرق، ويشرحها على أنه حديث واحد، فإن الحديث أولى
ما فسر بالحديث» (٢).
مثاله: حديث أنس ﵁ قال: «قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ، فَاجْتَوَوُا (٣) المدينة … وفيه قَالَ أَبُو قِلَابَةَ فَهَؤُلَاءِ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَحَارَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ» قال الكرماني: «فإن قلت ما الذي دل على كفرهم ومن أين استُفيد ذلك؟ قلت: عُلِم من الطرق الأخرى روى مسلم في صحيحه (٤)، وكذا
(١) الكواكب الدراري، ٧/ ١٢٥. (٢) فتح الباري، ٦/ ٤٧٥. (٣) أي أصابهم الجوى: وهو المرض وداء الجوف إذا تطاول، وذلك إذا لم يوافقهم هواؤها واستوخموها. ويقال: اجتويت البلد إذا كرهت المقام فيه وإن كنت في نعمة، ينظر: النهاية في غريب الحديث، ١/ ٣١٨. (٤) أخرجه مسلم، كِتَابُ: الْقَسَامَةِ وَالْمُحَارِبِينَ وَالْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ، باب: حكم المحاربين والمرتدين، رقم (١٦٧١)، (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَتَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا»، فَفَعَلُوا، فَصَحُّوا، ثُمَّ مَالُوا عَلَى الرِّعَاءِ، فَقَتَلُوهُمْ وَارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ).