الفلك الرابع، والقمر في الفلك الأدنى. والأفلاك غير السماوات، وقيل: السماء والهواء واحد، {إِلَّا بِالْحَقِّ} إلا بأمره الحق بقضية حكمه من غير لهو ولا عبث.
{لَآيَاتٍ} دلائل وحدانية الله تعالى ودلائل انقضاء الدنيا والمال.
{لَا يَرْجُونَ} أبو عبيدة: لا يخافون (١)، {لِقَاءَنَا} الحساب والعرض، وقيل: لقاء الله، هم الذين أيسوا عن لقائه لجهلهم به، {وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الذين آثروا شهواتها على السعي للآخرة، وقنعوا بالحياة الدنيا لأنها مبلغهم من العلم فليست لهم همة الآخرة.
روي أن النبي -عليه السلام- (٢) بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان هو صالَحَ أهل البحرين وأمَّر عليهم العلاء بن الحضرمي فقدم أبو عبيدة بمال [من البحرين فسمعت الأنصار بقدومه فوافقت صلاة الفجر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما صلَّى]، (٣) صلاة الفجر وانصرف تعرضوا له، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآهم وقال:"أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء"، قالوا: أجل يا رسول الله، فقال:"أبشروا وأمِّلوا ما يسرُّكم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتلهيكم كما ألهتهم"(٤)، وروي:"فتهلككم كما أهلكتهم"(٥)(٦).
(١) روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، ذكره ابن الجوزي في تفسيره ومنه قوله تعالى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (١٣)} [نوح: ١٣] وقول أبي ذؤيب الهذلي: إذا لسَعَتْه النَّحْل لم يَرْجُ لِسْعَهَا ... وخالفها في بيتِ نُوبٍ عَوَامِلِ [زاد المسير (٢/ ٣١٨)، الطبري (١٢/ ١٢١)]. (٢) (السلام) ليست في "ي". (٣) ما بين [...] من "أ" "ب". (٤) البخاري (٦٠٦١). (٥) هذه الرواية عند البخاري (٣٧٩١)، ومسلم (٥٩٦١). (٦) قوله: (وروي فتهلككم كما أهلكتهم) ليس في "أ".