مدنية إلى قوله:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣] فإنّها نزلت بعرفات، وحكمها مدنية (١)، وهي ماية واثنتان وعشرون آية حجازي شامي.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيَمِ
{أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} المواثيق الشرعيّة التي تكون عقدها طاعة عن ابن عباس (٢)، والحال تدل عليه وإنما ابتدأ بهذا الأمر لما أعقبه من الأوامر والنواهي وهي عقود وعهود كلها.
{أُحِلَّتْ لَكُمْ} اتصالها بما قبلها من حيث التمسك بعقد الإحرام في اجتناب الصيد. {بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} الإبل والبقر والغنم (البهيمة) كل دابّة أبهمت عن العقل والتمييز واستبهمت عن الكلام وجمعه بهائم، و (الأنعام) جمع النعَم، وهي جمع لا واحدَ له من لفظه، ويقع هاهنا على البقر الوحشيّة والظباء والوعُول لقوله:{غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْد [إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} استثنى من بهيمة
(١) نقل محمَّد الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير (٧/ ١٢١) أنها مكية بالاتفاق، وذكر عن ابن عباس أنها نزلت بمكة ليلًا جملة واحدة كما رواه عنه عطاء وعكرمة، كما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن ستة آيات منها نزلت بالمدينة، ووافق المؤلف فخر الدين الرازي بكونها مدنية إلا قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ ...} [المَائدة: ٣] الآية (٣) فنزلت بعرفات. وسميت سورة الأنعام لما تكرر فيها من ذكر لفظ الأنعام ست مرات. (٢) ابن جرير (٨/ ٩،٦)، والبيهقي في "الشعب" (٤٣٥٦) بلفظ: (يعني بالعهود؛ ما أحلَّ الله وما حرّم، وما فرض ...).