وعن ابن عباس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي فجاءه أبو جهل فقال: ألم أنهك عن هذا؟ فانصرف إليه النبيّ -عليه السلام- فزجر، فقال:"والله إنك لتعلم"، فقال: والله إنك لتعلم أنّ ما بها أكثر ناديًا مني؛ فأنزل الله: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨)}. قال ابن عباس: لو دعا ناديه لأخذته الزبانية (١).
{اللَّهَ} سبحانه وتعالى، الذي {كَانَ عَلَى الْهُدَى} النبيّ -عليه السلام-، والذي {كَذَّبَ وَتَوَلَّى} أبو جهل.
{لَنَسْفَعًا} لنأخذن {بِالنَّاصِيَةِ} وهو شعر مقدم الرأس.
{كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} صاحب الناصية.
{الزَّبَانِيَةَ} مشتقّ من الزبن، وهو الدفع والصدم، ورجل ذو زبونة، أي مانع جانبه (٢). عن أبي هريرة: سجدنا مع رسول الله -عليه السلام- في {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} و {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)}، وسجد فيهما عمرو بن العاص، فقيل له في ذلك، فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيهما (٣).
...
(١) الترمذي (٣٣٤٩)، وأحمد (١/ ٢٥٦، ٣٢٩)، وابن جرير (٢٤/ ٥٣٧)، والطبراني (١١٩٥٠) والحديث صحيح. (٢) الزبانية في كلام العرب: الشُّرَط الواحد زِبْنِيَة من الزبن وهو الدفع، قاله الزمخشري. وذهب عيسى بن عمر والأخفش: أنّ واحدها زابن. والحاصل أن هذه المادة تدلّ على الدفع، ومنه قول الشاعر: مطاعيمُ في القصوى مطاعين في الوغى ... زبانية غُلْبٌ عظامٌ حُلُومُها [الكشاف (٤/ ٢٧٢)، معاني القرآن للأخفش (٢/ ٥٤١)]. (٣) أخرجه مسلم (٥٧٨) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - دون الزيادة في قوله: وسجد فيها عمرو بن العاص - رضي الله عنه -. وذكره البيهقي في سننه (١/ ٥٠٣)، وقال: إنما أسلم أبو هريرة بعدما تحوّل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة بزمان ... والحديث رواه أيضًا أبو داود في سننه (٢/ ٥٩)، والترمذي (٢/ ٤٦٢)، وابن ماجه (١/ ٣٣٦)، وأبو عوانة في المسند (١/ ٥٢٣)، وأحمد في مسنده (٢/ ٤٦١).