وإلى هذا ذهب الحسن البصري ومجاهد والكلبي (يدخلون) الضمير عائد إلى الظالم والمقتصد والسابق أو عائد إلى {الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا}.
{دَارَ الْمُقَامَةِ} بقعة الإقامة، كما أن المقسمة بقعة القسمة {لُغُوبٌ} نصب جمعًا للتأكيد.
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا} صريح لفظة الكفر دليل على نجاة الظالم {يَصْطَرِخُونَ} يستغيثون افتعال من الصراخ والقول مضمر عند قوله: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ} عن مجاهد قال: سألت ابن عباس عن قوله: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ}[الأحقاف: ١٥] قال: ما بين الثلاث والثلاثين إلى الأربعين، وسألته عن العمر الذي عبر به {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} قال: ستون سنة (١)، وسألته عن قوله:{وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} قال: الشيب (٢).
عن أبي هريرة عنه -عليه السلام- (٣) قال (٤): "من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر الله إليه"(٥){وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} قال الكلبي: المراد بـ {إِحْدَى} ها هنا اليهود والنصارى لما سمع مشركو قريش بقتل اليهود أنبياءهم وباختلاف النصارى في المسيح فقالوا: لعن الله اليهود والنصارى، والله لئن أتانا رسول لكنا أهدى منهم، وإنما كانت اليهود والنصارى إحدى الأمم لأنهم جميعًا أولاد إسحاق -عليه السلام- أو خصت قريش إحدى القبيلتين، إما اليهود وإما النصارى.
و {وَمَكْرَ السَّيِّئِ} إضافته كإضافة الحق إلى اليقين.
{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ} المراد بالمؤاخذة المعاجلة بالعقوبة، والوجه في إهلاك كل {دَابَّةٍ} على ظهر الأرض عند مؤاخذة الناس بما كسبوا إنما هو كون دواب الأرض كلها لمنافع بني آدم واعتبارهم بها لا لمعنى
(١) عبد الرزاق (٢/ ١٣٨)، وابن جرير (١٩/ ٣٨٤). (٢) البيهقي في السنن (٣/ ٣٧٠). (٣) (السلام) ليست في "ي". (٤) (قال) من "ب". (٥) البخاري (٦١٩٤).