إن الله سِتِّير يحبُّ السِّتر، وكان الناس ليس لهم ستور على أبوابهم ولا حج الذي بيوتهم، وربما فاجأ الرجل ولده وخادمه أو يتيمه في حجره، وهو مع أهله، فأمرهم الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن يستأذنوا في الثلاث الساعات التي سمى الله -عَزَّ وَجَلَّ-، ثم جاء الله -عَزَّ وَجَلَّ- باليسر وبسط عليهم الرزق فاتخذوا الستور والحجال، فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم عن الاستئذان الذي أُمِروا (١).
وسئل الشعبي عن قوله:{لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} قال: لم تنسخ (٢) لأن ابن عباس ذكر ما يجزي من الاستئذان ولم يخبر عن نسخ الآية {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ} الساعات المعورة فإنهن من الأيام والليالي كالحلل في الدور، يقال: دار عورة معورة وأراد بالمماليك الصغار؛ لأن (٣) العادة أن الناس يستخدمون الغلمان دون الفحول و {الظَّهِيرَةِ} الهاجرة.
{وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ} عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -عليه السلام- (٤): "رسول الرجل إلى الرجل إذنه"(٥).
{وَالْقَوَاعِد} اللوازم {اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا} لكبرهن، واحدتهن قاعد كحائض وطامث {أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ} خمارهن {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ} متزينات والمعنى في نهيهن كون الزينة مشهية للناظرين فما لا يشتهى {وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ} عن وجه الثياب {خَيْرٌ لَهُنَّ} للاحتياط.
{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} وعن سعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود (٦): أن المسلمين كانوا يرغبون في النفير مع
(١) أبو داود (٥١٩٢)، وابن أبي حاتم (٨/ ٢٦٣٢)، والبيهقي (٧/ ٩٧) وهو حسن. (٢) ابن أبي شيبة (١٧٦١٤). (٣) في "ب": (أن). (٤) (السلام) ليست في "ي"، وبدلها في "ب": (- صلى الله عليه وسلم -). (٥) أبو داود (٥١٨٩) والحديث صحيح. (٦) (بن مسعود) ليست في الأصل.