فحظر علينا النظر (١) إليها بعين الرغبة. رُوِيَ عنه -عليه السلام- أنّه مرّت به غنم في أيّام الربيع، فغطّى كمّه على عينيه، فقيل له في ذلك، فقال:"بهذا أمرني ربّي"(٢){أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} رجالًا ونساءً، أو ذكورًا وإناثًا، أو سخيًّا وبخيلًا، أو المكتسبين والعاجزين. {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} إنْ لم يُؤمنوا {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} تواضع لهم وليّن جانبك لهم.
{كَمَا أَنْزَلْنَا} التشبيه عائد إلى قوله: {آتَيْنَاكَ سَبْعًا} مجاهد: أهل الكتاب اقتسموا الكتاب (٣) فيما بينهم، فحذفوا بعضًا وحرّفوا بعضًا (٤) واختلقوا في بعض ونقلوا على الوجه بعضًا، أي: آتيناك المذكور. {كَمَا أَنْزَلْنَا} الكتاب {عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ} من قبل، وقال ابن زيد (٥): إنّ المقتسمين هم أصحاب الحجر قوم صالح. {تَقَاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ}[النمل: ٤٩]. وعن ابن عبّاس (٦): هم الذين اقتسموا وجوه القرآن فيما بينهم، وهم من قريش؛ فزعم بعضهم أنه شعر، وبعضهم أنه سِحر، وبعضهم (٧) {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٥)} [الأنعام: ٢٥]، وبعضهم أنه {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ}[النحل: ١٠٣](٨) تقديره: آتيناك المذكور كما أنزلنا العذاب على هؤلاء المقتسمين المستهزئين.
{جَعَلُوا الْقُرْآنَ} مجاهد: التوراة والإنجيل والقرآن، وقال ابن زيد:
(١) في "أ": (عليه النظر). (٢) ورد قريبًا منه رواه أبو عبيد وابن المنذر عن يحيى بن كثير أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بإبل لحيّ يقال لهم: بنو الملوّح أو بنو المصطلق، قد عبست في أبوالها من السمن، فتقنع بثوبه ومرّ ولم ينظر إليها, لقوله: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} [الحجر: ٨٨]. (٣) (الكتاب) ليست في "ب". (٤) (بعضًا) ليست في الأصل. (٥) نقله ابن الجوزي عن عبد الرحمن بن زيد (٤/ ٤١٨). (٦) ذكره ابن الجوزي في تفسيره عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وفيه رواية أخرى عن ابن عباس ذكرها أيضًا ابن الجوزي عنه: أنهم اليهود والنصارى وبه قال الحسن ومجاهد. [زاد المسير (٤/ ٤١٧)]. (٧) في "ب": (وبعضهم أنه). (٨) هذا ورد قريبًا منه عن قتادة عند ابن جرير (١٤/ ١٣٢).