وَقَدْ سَقَوْا إِبِلَهُمْ، وَأَحْلَبُوهَا، وَشَرِبُوا فَلَمَّا رَأَوْنِي، قَالُوا: مَرْحَبًا بِالصُّدَيِّ بْنِ عَجْلَانَ. ثُمَّ قَالُوا: بَلَغَنَا أنَّكَ صبَوْتَ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ. قُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ آمَنْتُ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ، وَبَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَيْكُمْ أَعْرِضُ عَلَيْكُمُ الإِسْلَامَ وَشَرَائِعَهُ. فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ جَاءُوا بِقَصْعَةِ دَمٍ، فَوَضَعُوهَا وَاجْتَمَعُوا عَلَيْهَا يَأْكُلُونَهَا، فَقَالُوا: هَلُمَّ يَا صُدَيُّ. فَقُلْتُ: وَيْحَكُمْ، إِنَّمَا أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ مَنْ يُحَرِّمُ هَذَا عَلَيْكُمْ بِمَا أَنْزَلَهُ اللهُ عَلَيْهِ. قَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: نَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ﴾. إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ (١). فَجَعَلْتُ أَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَيَأْبَوْنَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: وَيْحَكُمْ، إِيتُونِي بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ، فَإِنِّي شَدِيدُ الْعَطَشِ. قَالُوا: لَا، وَلَكِنْ نَدَعُكَ تَمُوتُ عَطَشًا. قَالَ: فَاعْتَمَمْتُ، وَضَرَبْتُ رَأْسِي فِي الْعِمَامَةِ، وَنِمْتُ فِي الرَّمْضَاءِ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، فَأَتَانِي آتٍ في مَنَامِي بِقَدحِ زُجَاجٍ لَمْ يَرَ النَّاسُ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَفِيهِ شَرَابٌ لَمْ يَرَ النَّاسُ أَلَذَّ مِنْهُ، فَأَمْكَنَنِي مِنْهَا، فَشَرِبْتُهَا، فَحَيْثُ فَرَغْتُ مِنْ شَرَابِي اسْتَيْقَظْتُ، وَلَا وَاللهِ مَا عَطِشْتُ، وَلَا عَرَفْتُ عَطَشًا بَعْدَ تِلْكَ الشَّرْبَةِ. فَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: أتَاكُمْ رَجُلٌ مِنْ سُرَاةِ قَوْمِكُمْ، فَلَمْ تَمْجَعُوهُ بِمَذْقَةٍ؟ فَأتَوْنِي بِمُذَيْقَتِهِمْ (٢)، فَقُلْتُ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا، إِنَّ اللهَ ﵎ أَطْعَمَنِي وَسَقَانِي. فَأَرَيْتُهُمْ بَطْنِي، فَأَسْلَمُوا عَنْ آخِرِهِمْ (٣). (٤)
(١) (المائدة: آية ٣).(٢) في (و): "بمذقتهم".(٣) قال الذهبي في التلخيص: "وصدقه ضعفه ابن معين".(٤) إتحاف المهرة (٦/ ٢٧١ - ٦٥١٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute