أي سُترتْ بوقودِها في الغيطانِ وتلاعِ الأوديةِ، وقَنَعتْ بذلك عن أنْ تظهرَ.
وفي قولِها أيضًا:«قَرِيبُ البَيْتِ مِنَ النَّادِي» معنًى آخر دلَّتْ به على شرفِهِ وزعامتِهِ؛ وذلك أنَّ الأنديةَ إنَّما يُجتمَعُ فيها بِقُربِ (١) أبياتِ السَّادةِ ومنازلِ الزُّعماءِ، الَّذين يُعْنَى (٢) إليهم ويُجتمعُ لهم (٣).
وقولُها:«لَا يَشْبَعُ لَيْلَةً يُضَافُ، وَلَا يَنَامُ لَيْلَةً يَخَافُ»، وصفتْهُ بكرمِ النَّفسِ وشبعِهَا، ونزاهتِها وإيثارِها، وقلَّة همِّه بالأكل / وشرهِهِ له، وأنَّه إذا ضِيفَ (٤) واحتُفِلَ (٥) في إكرامِهِ، وأُكثِرَ من إطعامِهِ، لم يكُنْ همُّهُ شبعَ بطنِهِ، واكتفى بأيسرِهِ، واقتصرَ على ما يُقيمُ صُلبَهُ، ويَردُّ قوَّتَه منه، ولم يُظهرْ الحرصَ على مالِ غيرِه وطعامِهِ، والجشعَ للإكثارِ مِنْ أكلِهِ واغتنامِهِ، بلْ أخذَ منه ما يسدُّ جوعتَهُ، وتجافى عن الإكثارِ منه، وخَافَ مَعَرَّتَه، كما قال حاتمٌ (٦):