تقولُ: لَا أذًى عِندهُ ولَا مَكروهٌ، كمثلِ هذه اللَّيلةِ التي ليس فيها حرٌّ ولا بردٌ ولا ريحٌ؛ لأنَّ في الرِّيحِ والحرِّ والبردِ أذًى إذا اشتدَّ.
وتقولُ: لا عِندهُ غائلةٌ ولا شرٌّ فأخافُهُ، ولا يسأمُنِي ولا يستثقِلُنِي؛ فيملُّ صُحبتي، ويكون هذا معنى قولِها:«ولَا وَخَامَة».
أو يرجعُ قولُها:«ولَا وَخَامَة» إلى صفةِ ليلِ / تِهامةَ؛ لأنَّ بلادَ تِهامةَ وأشرافَ بلادِ الحجازِ ونجدٍ صحيحةُ الهواءِ، غيرُ وخِمَةٍ، ولا وبيئةٍ.
وقد يكونُ قولُها:«ولَا وَخَامَة»، أي: أنَّه- تعني زوجَها- ليس فيه ثِقَلٌ ولا فَدَامَةٌ (٢)، بلْ هو حُلْوُ الشَّمائلِ، خفيفٌ على المُصاحَبِ، مُسْتَلانُ الجانبِ.
وقولُها في الرِّوايةِ الأخرى:«ولَا يخافُ خلفَهُ، ولا أمَامَهُ»، قال ابنُ الأنبارِيِّ: تُريدُ أنَّ بلدَ تِهامةَ لا يخافُ أهلُهُ مِنْ أمامِهِم وَلَا مِنْ خَلفِهِم؛ لِتَحَصُّنِ أهلِهِ بالجبالِ. /
ويحتملُ عندي / أنْ تُردَّ:«خلفَهُ» و «أمَامَهُ» على زوجها، أي أنَّه مأمونٌ،
(١) البيتان من الطويل، ونسب ابن قتيبة الثاني منهما لابن كُناسة الأسدي، ينظر: «عيون الأخبار» (١/ ٢١٨)، و «الدلائل في غريب الحديث» (٣/ ١٠٠٩)، و «البصائر والذخائر» (٨/ ٨٧). (٢) الفدم من الناس: العيي عن الحجة والكلام مع ثقل ورخاوة وقلة فهم. «لسان العرب» (فدم) (١١/ ١٤٢).