° ويقول أيضًا:"الشريعةُ -كما ذكرنا مِن قبلُ- تختلفُ اختلافًا أساسيًّا عن القانون الرومي -سواء في طبيعتِها، أو في غَرَضها-، فالقانونُ الروميُّ -حتى في خالِصِ ناحيتِه المجرَّدة والعِلميَّة- ليس إلاَّ قانونَ العلماءِ القانونيين، أو كما يُقال في المثل اللاتيني: "كلُّ قانونٍ وُضع، فإنه وُضع بسبب إنسان"، أمَّا القانونُ الإِسلاميُّ، فهو -أولاً وقبلَ كلِّ شيءٍ - نظامُ أهل دينٍ يُطبِّقُون الأحكامَ (الموجودة) على الوقائع، وغَرَضُهم وَصْلُ كلِّ نَفْسٍ إنسانيةٍ بالله تعالى .. "(١).
إنَّ الفقهَ الإِسلاميَّ -وهو قانونُ المسلمين- جُزءٌ من الدينِ الإِسلاميِّ لا يَنْفَكُّ عنه .. أمَّا القانونُ الوضعي، فهو عِلمٌ ماديٌّ من أمورِ الدنيا.
° يقول المستشرق الإيطالي "نالينو" Nallino: " جَعَل المسلمون الفِقهَ جزءً من عِلم الدين لا يَنفكُّ عنه، ولم يَجعلوه عِلْمًا ماديًّا من أمورِ الدنيا"(٢).
° ولقد تَصَدَّى الشيخُ حَسن الهُضيبي - رحمه الله - لهذا القانون في "مجلس الشيوخ المصري" لدى مناقشته سنة ١٩٤٨ م، وكان فارسَ الدفاع عن الشريعة الإِسلامية، وقال:"اعتقادِي في أنَّ التشريعَ في بلادنا كلِّها -وفي حياتِنا جميعًا- يجبُ أن يكونَ قائمًا على أحكام القرآن، وإذا قلتُ: "القرآن"، فإنِّي أعنِي كذلك -بطبيعةِ الحال- سُنَّةَ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن طاعته من طاعةِ الله".
نعم، يجبُ أن يكونَ هذا المصدران هما المصدرانِ لكلِّ تشريعٍ، فإذا ما
(١) المرجع السابق (ص ١٦٦). (٢) المرجع السابق (ص ٢١).