فقال:"اخسأ، فلن تعدوَ قَدْرَك"(١). فقال عمر -رضي الله عنه -: دَعْني يا رسول الله أضربُ عُنقَه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِن يَكُنْه فلن تُسَلَّط عليه (٢)، وإن لم يَكُنْه فلا خيرَ لك في قَتْله"(٣).
• وعن أبي سعيدٍ - رضي الله عنه - قال: لَقِيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمرُ في بعض طرقِ المدينة، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتشهدُ أنى رسولُ الله؟ ". فقال هو: أتشهدُ أني رسول الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "آمنتُ بالله وملائكتِه وكُتبه، ما ترى؟ " قال: أرى عَرشًا على الماء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ترى عرشَ إبليس على البحر. وما ترى؟ " قال: أرى صادِقِينَ وكاذبًا -أو: كاذِبِين وصادقًا- .. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لُبِّس عليه. دعوه"(٤).
= صلى الله عليه وسلم -: "أخسأ فلن تعدوَ قَدْرَك" أي: القدر الذي يدرك الكهّان من الاهتداء إلى بعض الشيء، وما لا يبين من تحقيقه، ولا يصل به إلى بيان أمور الغيب. (١) اخسأ: أي: اسكت صاغرًا مطرودًا. وأصل معناها التباعد والطرد. انظر "لسان العرب" (١١٥٥ - ١١٥٦). وقال النووي: اخسأ: اقعد. "فلن تعدو قدرك": قال الحافظ: أي لن تجاوز ما قَدَّر الله فيك، أو مقدار أمثالك. قال العلماء: استكشف النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره ليبين لأصحابه تمويهه لئلا يلتبس حاله على ضعيف لم يتمكن من الإسلام. ومُحَصَّل ما أجاب به النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال له على طريق الفرض والتَنَزُّل: إن كنت صادقًا في دعواك الرسالة ولم يختلط عليك الأمر آمنت بك، وإن كنتَ كاذبًا وخُلِّط عليك الأمر فلا، وقد ظهر كذبك والتباس الأمر عليك؛ فلا تعدو قدرك. (٢) أى: إن يكن هو الدجال الذي سيخرج بين يدي الساعة فلن تستطيع قتله؛ لأن الله سبحان قدّر أنه خارج. (٣) رواه البخاري (٣/ ٢١٨) (٣٠٥٥)، ومسلم (٦/ ٦١٦) (٢٩٣٠)، وأبو داود (٤٣٢٩)، والترمذي بنحوه (٢٢٣٥) وقال: هذا حديث حسن صحيح. (٤) أخرجه مسلم (٢٩٢٥)، والترمذي (٢٢٤٦) وقال: هذا حديث حسن صحيح.