فَذِي سُنَّةُ الإلَهِ فِي الخَلقِ قَدْ جَرَتْ … فَيَمْتَحِنُ الأخْيَارَ بِالفِرْقَةِ اللَّوَمْ (١)
لِيَرْفَعَ قَدْرَهُمْ ويعْلِيَ ذِكرَهُمْ … وَيَعْرِفَ فَضْلَهُمُ كَثِيرٌ مِنَ الأمَمْ
فَلَوْلَا اشْتِعَالُ النَّارِ فِي العُودِ لَمْ يَفُحْ … لَهُ عَرْفُهُ الشَّذِي لِمَنْ شَاءَ أنْ يَشَمْ
وَلَيْسَ احْتِجَابُ العُمْي لِلشَّمْسِ ضَائِرًا … فَرِفْعَةُ قَدْرِهَا لِذِي البَصَرِ ارْتَسَمْ
فَقَدْرُ رَسُولِ اللهِ فِي الخَلقِ ظَاهِرٌ … فَمَا ضَرَّهُ قَوْمٌ أَضَلُّ منَ البَهَمْ (٢)
لَقَدْ رَفَعَ الإلَهُ قَدْرَ مُحَمَّدٍ … فَقَرَّبهُ زُلفَى وَحَلَّاه بِالنِّعَمْ
وَيَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ شَافِعًا … لِفَصْلِ القَضَا بِهَا فَمَا أَعْظَمَ الكَرَمْ
وَقَدْ شَرح اللَّطِيفُ صَدْرًا وَأوْدَعَهْ … بَدَائِعَ حِكْمَة فَيَا وَيْلَ مَنْ هَضَمْ (٣)
وَشَقَّ لَهُ البَدْرَ المُنِيرَ مِنَ السَّمَا … وَشَاهَدَهُ كُلّ بِلَيل قَدِ ادْلَهَمْ
وَحَنَّ إلَيْهِ الجِذعُ لَوْلَا احَتِضَانهُ … لَمَا فَارَقَ البُكَا إلَى سَاعَةِ النَّدَمْ
شَكَى العِيرُ ضُرَّهُ وَسَلَّمَهُ الصَّفَا (٤) … فَيَا وَيْلَ أقْوَامٍ أَضَل منَ النَّعَمْ
رَسُولُ الهُدَى أحْيى القُلُوبَ بذكرِهِ … قُلُوبَ ذَوِي الألبَابِ وَالنُّورِ وَالشَيمْ
هُوَ الرَّحْمَةُ المُهْدَاةُ لِلخَلقِ كَلُّهِمْ … كَمَا أخْبَرَ اللهُ الكَرِيمُ فَليُغْتَنَمْ
فَمَنْ تَبِعَ الرَّسُولَ كَانَ مُعَزَّزًا … بِذِي الدَّارِ، والأخْرَى مُعَافًى مِنَ النِّقَمْ
(١) اللَّوَم محركة: كثرة العذل، وهو هنا على حذف مضاف، أي: ذوي اللوم، أو وُصفوا به مبالغة.
(٢) محركَة، تُسكَّن هاؤه أيضًا: أولاد الضأن والمعز والبقر، أفاده في "القاموس".
(٣) هَضَم من باب قتل: إذا كسر، ويقال: هضمه: إذا دفعه، وكسره، أفاده في "المصباح"، والمراد هنا انتهك حرمة النبي، ودنَّس عرضه، وانتهكه.
(٤) جمع صَفَاة، وهو الحجر الصَّلد.