فلقد عِشتَ مُنكِرًا كلَّ حقٍّ … وجهولاً مُتَوَّجًا بالغرورِ
غيرَ أني أَقولُ قَولةَ صِدقٍ … لا تُبالي بسُلطة أو أميرِ
تَعِسَتْ أمةٌ تراختْ فصارت … مَرْكبًا هيِّنا لغِرٍّ (١) ضريرِ
يَدَّعي أنه البشيرُ بطبٍّ … قادرٍ ناجعٍ جديدٍ مثيرِ
فإذا طِبُّهُ خداعٌ وزورٌ … يَجعلُ السَّهْل ألفَ ألفِ عسيرِ
يُنكرُ الأصلَ والجُذورَ ويُبقِي … في حِماهُ الملعونِ كلَّ عَقورِ
وإذا أنكر الجذورَ نباتٌ … ماتَ في لَفحةِ اللَّظى والهجيرِ
* * *
وأُراني أقول: مهلاً أفيقي … يا خفافيشُ للنذيرِ الأخيرِ
إنَّ تحتَ الرَّمادِ نارًا توارتْ … سوفَ ترمي بجمرِها المستطيرِ
يا خفافيشُ قد ملِلنا فخلِّي … ما تبقَّى من عُمرِنا المقهورِ
يا خفافيشُ للخرائب عُودِي … ها هو الفجرُ قادمٌ بالبشيرِ
ارجعي -لا سَلِمْتِ- للقاع حَسْرَى … رجعةَ الخاسرِ الذليلِ الحقيرِ
فالنسورُ التي طواها غيابٌ … عائداتٌ لوكرِها المهجورِ
والظلامُ الذي علا كلَّ أُفْقٍ … سوفَ يُمحَى أمامَ سيلِ النورِ (٢)
(١) الغِرّ: الساذج ضعيف الفهم.
(٢) العدد (٢٨٣٧) من مجلة "الأسرة العربية" - الأثنين ٩ جمادى الأولى ١٤٢٧ هـ - الموافق ٥ يونيو ٢٠٠٦ م - (ص ١٠) - قصيدة للدكتور جابر قميحة.