ذو محرم، فدل ذلك على منع الاختلاط في أماكن العمل والتعليم.
الدليل الحادي والعشرون: حديث ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ».قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ» (١).
قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لو تركنا ... » فيه حثٌّ على تخصيص ذلك الباب للنساء دون الرجال؛ فإنّ من معاني «لو» العرض، والتحضيض، قال في شرح الكوكب المنير:«وتأتي لو أيضاً للعرض نحو: لو تنزل عندنا فتصيب خيراً، وتأتي [لو] أيضاً للتحضيض نحو لو فعلت كذا، أي: افعل كذا، والفرق بينهما: أن العرض: طلب بلين ورفق، والتحضيض: طلب بِحَثٍّ»(٢)، وعلى كلا المعنين تدلُّ على الطلب، والقاعدة في الأصول:«أنّ الطلب الجازم يدلُّ على الوجوب، والطلبُ غير الجازم يدلُ على الاستحباب»(٣)، وبالنظر في علة ذلك نجد أن العلة المناسبة هي: الفصل بين الرجال والنساء، وعدم الاختلاط بينهما، والقاعدة في الأصول:«أنّ من مسالك إثبات العلّة: المناسبة»(٤)، ولذلك بوّب عليه أبو داود في سننه بقوله: «بَاب
(١) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب في اعتزال النساء في المساجد عن الرجال، برقم: ٤٦٢، والطبراني في الأوسط، ١/ ٣٠٣، برقم ١٠١٨، وابن عساكر، ٣١/ ١٢٠، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ١/ ١٣٦. (٢) شرح الكوكب المنير، ١/ ٢٨١. (٣) انظر: الأحكام للآمدي، ١/ ٨٩. (٤) المناسبة أو المناسب مبحث طويل في علم أصول الفقه، ليس هذا محل بسطه، فينظر: شرح الكوكب المنير، ٤/ ١٥٢، وفي حواشي المحقق إحالة إلى عدد من الكتب لمن أراد التوسع.