الصَّحِيحِ فِي سِيَاقِهَا تَغَايُرٌ; لِأَنَّ فِي بَعْضِهَا: أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي مُوسَى بَعْدَ انْصِرَافِهِ، فَرَدَّهُ مِنْ حِينِهِ، وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِهِ إِلَّا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَجَمَعَ بَيْنَهَا ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ قَالَ (١): «وَظَاهِرُ هَذَيْنِ السِّيَاقَيْنِ التَّغَايُرُ؛ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى عُمَرَ إِلَّا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَفِي الثَّانِي أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي الْحَالِ إِلَى أَنْ قَالَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا: بِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الشُّغْلِ الَّذِي كَانَ فِيهِ تَذَكَّرَهُ فَسَأَلَ عَنْهُ فَأُخْبِرَ بِرُجُوعِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَجِدْهُ الرَّسُولُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَجَاءَ هُوَ إِلَى عُمَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي. اهـ. مِنْهُ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى» (٢).
رابعاً: اعْلَمْ أَنَّ الْمُسْتَأْذِنَ إِنْ تَحَقَّقَ أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ سَمِعُوهُ لَزِمَهُ الِانْصِرَافُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ; لِأَنَّهُمْ لَمَّا سَمِعُوهُ، وَلَمْ يَأْذَنُوا لَهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ الْإِذْنِ، وَقَدْ بَيَّنَتِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ عَدَمَ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثَّلَاثِ مُطْلَقًا، وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَدْرِ هَلْ سَمِعُوهُ أَوْ لَا، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الِانْصِرَافُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ، كَمَا أَوْضَحْنَا أَدِلَّتَهُ وَلَمْ يُقَيَّدْ شَيْءٌ مِنْهَا بِعِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ سَمِعُوهُ (٣).
خامساً: إذا علم أن أهل البيت لم يسمعوا لا يزيد على الثلاث:
قال العلامة الشنقيطي - رحمه الله -: «اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ لَنَا رُجْحَانُهُ
(١) فتح الباري، ١١/ ٢٨.(٢) أضواء البيان، ٦/ ١٧٥.(٣) أضواء البيان، ٦/ ١٧٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute