المختصر) الذي يتداوله أصحاب الشافعي ويتدارسونه» (١).
قال البَيْهَقي: «أخبرنا محمد بن عبدالله، قال: سمعت أبا سهل محمد بن سليمان - إمام الشافعيين في عصره بلا مدافعة من موافِق ومخالِف منصِف - يقول: قال لي أبو إسحاق المروزي في شيء جرى بيني وبينه: لِمَ لا تنظر في (المختصَر)؟ فقلت: ما جئتك من خراسان حتى فرغت من نظري في (المختصَر)، فقال: انظروا، يقول مثل هذا وأبو العباس بن سريج يقول: ما نظرت فيه من مرة إلا واستفدت فائدة جديدة» (٢).
جَمُوعٌ لأنواع العلوم بأَسْرِها … بمختصَر ليسَت تفارقه كمِّي
عزيزٌ على مثلي إضاعة علمه … لما فيه من نسجٍ بديعٍ ومن نظمِ
بل إن العناية بكتاب المُزَني تعدَّى المذهب الشافعي، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في سياق حديثه عن قتال البغاة:«إن الخرقي نسج على منوال المُزَني، والمُزَني نسج على منوال محمد بن الحسن، وإن كان ذلك في بعض الترتيب والتبويب»(٤)، وذكر الصيمري في «أخبار أبي حنيفة»
(١) انظر «بحر المذهب» (١/ ٢٥). (٢) أخرجه البَيْهَقي في «المناقب» (٢/ ٣٤٥). (٣) أخرجه البَيْهَقي في «المناقب» (٢/ ٣٤٥)، وقد أورده التاج السُّبْكي في «الطبقات» (٣/ ٣١) بنحوه مع اختلاف يسير، وفيه: لصيق فؤادي منذ عشرين حجة … وصيقل ذهني والمفرِّج عن همِّي عزيز على مثلي إعارة مثله … لما فيه من علم لطيف ومن نظمِ جَموع لأصناف العلوم بأسرها … فأخلق به ألا يفارقه كُمِّي (٤) انظر «مجموع الفتاوى» (٤/ ٤٥٠).