باب استقبالِ القِبلةِ وأنْ لا فرضَ إلا الخَمْسُ (١)
(١٦٦) قال الشافعي: ولا يَجُوزُ لأحَدٍ صلاةُ فريضةٍ ولا نافلةٍ، ولا سجودُ قرآنٍ، ولا جنازةٌ، إلا مُتَوَجِّهًا إلى البَيْتِ الحرامِ - ما كان يَقْدِرُ على رُؤيَتِه - إلا في حالتَيْن:
(١٦٧) إحداهما: النافلةُ في السفَرِ راكِبًا، وطويلُ السّفَرِ وقَصِيرُه سواءٌ، ورُوِيَ عن ابنِ عمرَ أنّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كان يُصَلِّي على راحِلَتِه في السّفَرِ أينَ (٢) تَوَجَّهَتْ به، وأنّه -عليه السلام- كان يُوتِرُ على البعيرِ، وأنّ عليًّا كان يُوتِرُ على الراحلةِ.
(١٦٨) قال الشافعي: وفي ذلك (٣) دلالَةٌ على أنّ الوِتْرَ ليس بفَرْضٍ، ولا فَرْضَ إلا الخَمْسُ؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- للأعرابيِّ حين قال: هَلْ عليَّ غيرُها؟ فقال:«لا إلا أن تَطَّوَّعَ».
(١٦٩) والحالة الثانية: شِدَّةُ الخَوْفِ؛ لقولِ الله تبارك وتعالى:{فإن خفتم فرجالًا أو ركبانًا}[البقرة: ٢٣٩]، قال ابنُ عمرَ:«مُسْتَقْبِلِي القبلةِ وغيرَ مُسْتَقْبِلِيها»، قال: ولا يُصَلَّى في غَيرِ هاتَيْن الحالتَيْن إلا إلى البَيْتِ، إنْ كان مُعايَنًا فبالصوابِ، وإنْ كان مُغَيَّبًا فبالاجتهادِ بالدلائلِ على صوابِ جهةِ القبلةِ.
(١) وسميت القبلة قبلة من قولك: «أقبلت على الشيء»: إذا واجهته، و «هذه الدار قبالة دار فلان»؛ أي: مواجهتها. «الحلية» (ص: ٧٥). (٢) كذا في ظ ب، وفي ز س: «أينما». (٣) في ز: «هذا».