(٣١٥) قال الشافعي: وإذا سافر الرجلُ سفرًا يكون ستةً وأربعين مِيلًا بالهاشِميِّ .. فله أن يَقْصُرَ الصلاةَ (٢)، سافَر رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- آمِنًا فقَصَر، وقال ابن عباس: «أقْصُرُ إلى جُدَّةَ، وإلى عُسْفانَ (٣)، وإلى الطّائف»، قال الشافعي: وأقربُ ذلك إلى مكةَ ستةٌ وأربعون ميلًا بالهاشميّ، وسافرَ ابنُ عمر إلى رِيمٍ فقَصَر، قال مالك:«وذلك نحوٌ مِنْ أربعة بُرُد»(٤).
(٣١٦) قال: وأكْرَهُ تركَ القصرِ رَغْبَةً عن السُّنَّةِ، فأما أنا فأحِبُّ أن لا أقْصُرَ (٥) في أقلَّ مِنْ ثلاثةِ أيامٍ، احتياطًا على نَفْسِي، وإنّ تركَ القصرِ
(١) سقط من ز: «والجمع في السفر». (٢) «القصر» من قولك: «قصَرت أقصُر قصْرًا»، كذا يقال في الصلاة، وإذا أنت «قصَّرت من ثوبك» أو «قصَّر في حاجتك» فذلك بالتثقيل، والأول أفصح وأجود. «الحلية» (ص: ٨٥). (٣) في ظ: «غسان»، وهو خطأ. (٤) «الميل»: ما تسع من الأرض حتى لا يكاد يلحق بصر الرجال أقصاها، وقوله: «بالهاشمي»؛ أي: بالميل الذي مَيَّلَه بنو هاشم وقدَّروه وأَعْلَموا عليه، وقد بُنِيت الأعلام في طريق مكة على مقدار مد البصر ووقوعِه على رجل في أقصاه من أدناه، ثم قيل لثلاثة أميال منها: «فرسخ»، وقيل لأربعة فراسخ: «البريد»، وهو اثنا عشر ميلًا بأميال الطريق، و «أربعة بُرُد»: ثمانية وأربعون ميلًا. «الزاهر» (ص: ١٨٨) تنبيه: الذي ورد هنا في تحديد مسافة القصر: ستة وأربعون ميلًا، وقال في موضع آخر: «ثمانية وأربعون»، وجمع الأصحاب بأن الفرق من عد الميل الأول والآخر وإبطالهما، وقال في موضع آخر: «أربعون ميلًا»، وحملوه على الأميال الأموية، وهي أكبر من الهاشمية، كل خمسة ستة، فهي ثمانية وأربعون ميلًا هاشمية، وهي - كما قال في موضع آخر - «أربعة بُرُد» كل بريد أربعة فراسخ، وهي كذلك «مسيرة يومين» كل يوم ثمانية فراسخ، ولا خلاف بين أقواله. وراجع: «المجموع» (٤/ ٢١١) والله أعلم. (٥) في س: «أما أنا فلا أحب أن أقصر».