من الجامع من كتاب العِدَد، ومن كتاب الرَّجْعة، ومن كتاب الرسالة (٢)
(٢٦١٣) قال الشافعي: قال الله جل ثناؤه: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}[البقرة: ٢٢٨]، قال الشافعي: فالأقْراءُ عِنْدنا: الأطْهارُ - والله أعلم - بدَلالَتَيْن: أولاهما - الكتابُ الذي دَلَّتْ عليه السُّنَّةُ، والأخرى - اللِّسانُ، قال الله تبارك وتعالى:{إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن}[الطلاق: ١]، وقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في غَيْرِ حديثِ مالِكٍ لَمّا طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأتَه وهي حائضٌ:«ليَرْتَجِعْها، فإذا طَهُرَتْ فليُطَلِّقْ أو ليُمْسِكْ»، وتلا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا طَلَّقْتُم النساءَ فطَلِّقُوهُنَّ لقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ)، أو:(في قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ)، الشافعيُّ شَكَّ، فأخْبَرَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عن الله عز وجل أنَّ العِدَّةَ الأطْهارُ دُون الحِيَضِ، وقَرَأ:(فطَلِّقُوهُنَّ لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ)، وهو أن يُطَلِّقَها طاهِرًا؛ لأنّها حينئذٍ تَسْتَقْبِلُ عِدَّتَها، ولو طُلِّقَتْ حائضًا لم تكُنْ مُسْتَقْبِلَةً عِدَّتَها إلّا بعد الحيْضِ، و «القُرْء»: اسْمٌ وُضِعَ لمعْنًى، فلمّا كان الحيْضُ دَمًا يُرْخِيه الرَّحِمُ فيَخْرُجُ، والطُّهْرُ دَمًا يُحْتَبَسُ فلا يَخْرُجُ .. كان مَعْرُوفًا مِنْ لِسانِ العَرَبِ أنّ القُرْءَ الحبْسُ، تَقُولُ العَرَبُ:«هو يَقْرِي الماءَ في حَوْضِه وفي سِقائِه»، وتَقُولُ:«يَقْرِي الطَّعامَ في شِدْقِه»، وقالَتْ عائشةُ: «هل تَدْرُون ما الأقْراءُ؟
(١) «العدة» من قولك: «عددت الشيء»: إذا أحصيتَه، فسُمِّيت العدة عدة من أنها محصاة؛ لأنها ثلاثة قروء، وثلاثة أشهر، وأربعة أشهر وعشرٌ. «الحلية» (ص: ١٨٣). (٢) كذا في ز س، وليس في ظ: «من الجامع»، وفيه كذلك: «والرسالة».