الوجه الثاني:
قراءة التخفيف يمكن حملها أيضا على الغسل, وهذا شائع في اللغة.
الوجه الثالث:
أن الله تعالى أضاف الفعل إلى النساء بصيغة التفعل, فقال: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} , وصيغة التفعل إنما تطلق على ما يكون من فعل المكلفين، لا على ما يكون من فعل غيرهم, وليس انقطاع الدم من فعلهن, وإنما يفعلن الاغتسال.
الوجه الرابع:
أن الله تعالى أثنى عليهن بقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} , والثناء يستحقه المكلف بالأفعال الصادرة من جهته, أما فعل غيره فلا يستحق عليه مدحا, ولا ذما, والغسل من جهة المرأة, وانقطاع الدم ليس من جهتها (١).
القول الثاني:
يجوز وطء المرأة قبل اغتسالها من الحيض, إذا طهرت بعد تمام مدة أكثر الحيض -عشرة أيام-, أو طهرت دون عشرة أيام, ومضى عليها وقت صلاة, وهذا مذهب الحنفية (٢).
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول:
استدلوا بنفس الآية الكريمة التي استدل بها أصحاب القول الأول, مع اختلاف وجه الدلالة, فقالوا:
قوله تعالى: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} لما قُرئت بالتخفيف, والتشديد, وكان لكل قراءة معناها, صير إلى حمل كل قراءة على حال, جمعا بين القراءتين؛ فحُملت قراءة التخفيف الدالة على النقاء, على أكثر مدة الحيض -عشرة أيام-؛ إذ إنها بعد العشرة أيام تصير طاهرة, ولو استمر نزول الدم, وحملت قراءة التشديد الدالة على الاغتسال, على ما إذا انقطع الدم لأقل من عشرة أيام (٣).
يمكن أن يناقش:
الحكم بطهارة المرأة, بعد مضي عشرة أيام من الحيض -ولو استمر نزول الدم- محل نزاع فلا يُسلم به.
(١) ينظر: بداية المجتهد, لابن رشد الحفيد ١/ ٦٤, والحاوي الكبير, للماوردي ١/ ٣٨٦, والمجموع, للنووي ٢/ ٣٧٠ - ٣٧١, والمغني, لابن قدامة ١/ ٢٤٥, والشرح الكبير, لعبدالرحمن ابن قدامة ١/ ٣١٦.
(٢) ينظر: الاختيار لتعليل المختار, لابن مودود ١/ ٢٨, وتبيين الحقائق, للزيلعي ١/ ٥٨, والجوهرة النيرة, للحداد ١/ ٣١.
(٣) ينظر: الاختيار لتعليل المختار, لابن مودود ١/ ٢٨, وتبيين الحقائق, للزيلعي ١/ ٥٨, والجوهرة النيرة, للحداد ١/ ٣١.