وجه الاستدلال بالآية:
أن المحيض هو: اسم لموضع الحيض؛ وهو الفرج كالمقيل, والمبيت، فتخصيصه موضع الدم بالاعتزال دليل على إباحة ما عداه (١).
نوقش وجه الاستدلال بالآية:
يحتمل أن يكون المراد بالمحيض: الحيض, وهو الدم نفسه، بدليل قوله تعالى في أول الآية: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} (٢) والأذى: هو دم الحيض، وقال تعالى: {وَالَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} (٣) أي: يئسن من خروج الدم, فعلى هذا يكون معنى الآية: اعتزلوا النساء زمان الحيض, وحال خروجه (٤).
أجيب عن مناقشة وجه الاستدلال بأمرين:
الأمر الأول:
أن الله تعالى لو أراد بـ (المحيض) الحيض, لكان أمرا باعتزال النساء في مدة الحيض بالكلية، والإجماع بخلافه.
الأمر الثاني:
أن سبب نزول الآية، حديث أنس السابق؛ أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت, فسأل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- النبي -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} (٥) إلى آخر الآية .. ,
(١) ينظر: تبيين الحقائق, للزيلعي ١/ ٥٧, والمغني, لابن قدامة ١/ ٢٤٣, والشرح الكبير, لعبدالرحمن ابن قدامة ١/ ٣١٦ - ٣١٧, شرح العمدة (كتاب الطهارة) , لابن تيمية ص: ٤٦١.
(٢) البقرة من الآية: ٢٢٢.
(٣) الطلاق من الآية: ٤.
(٤) ينظر: المغني, لابن قدامة ١/ ٢٤٣, والشرح الكبير, لعبدالرحمن ابن قدامة ١/ ٣١٦ - ٣١٧, شرح العمدة (كتاب الطهارة) , لابن تيمية ص: ٤٦١.
(٥) البقرة من الآية: ٢٢٢.