ثانياً: الأدلة على وجوب الغسل من الجماع, وإن لم ينزل:
الدليل الأول:
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا جلس بين شعبها الأربع (١) , ثم جهدها (٢)، فقد وجب عليه الغسل وإن لم ينزل) (٣) والحديث صريح في عدم توقف الغسل على الإنزال.
الدليل الثاني:
حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: إن رجلا سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل (٤) هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إني لأفعل ذلك، أنا وهذه، ثم نغتسل) (٥).
وجه الاستدلال بالحديث:
أخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه يجامع, ولا يُنزل, ثم يغتسل, وفعله -صلى الله عليه وسلم- للوجوب, ولولا ذلك لما كان فيه جوابا لسؤال السائل (٦).
ثانياً: اختلف الفقهاء في القدر الذي يوجب الغسل من مقطوع الحشفة, على قولين:
(١) شعبها الأربع هي: اليدان والرجلان, وقيل: الرجلان والشفران، فكنى بذلك عن الإيلاج. ينظر: النهاية في غريب الحديث, لابن الأثير ٢/ ٤٧٧.
(٢) جهدها أي: دفعها وحفزها, يُقال: جهد الرجل في الأمر: إذا جد فيه وبالغ. ينظر: النهاية في غريب الحديث, لابن الأثير ١/ ٣٢٠.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه, كتاب: الغسل, باب: إذا التقى الختانان (٢٩١) ١/ ٦٦, وأخرجه مسلم في صحيحه, كتاب: الحيض, باب: نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل (٣٤٨) ١/ ٢٧١.
(٤) أكسل الرجل: إذا جامع, ثم أدركه فتور فلم ينزل, ينظر: النهاية في غريب الحديث, لابن الأثير ٤/ ١٧٥.
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه, كتاب: الحيض, باب: نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل (٣٥٠) ١/ ٢٧٢.
(٦) ينظر: المنهاج, للنووي ٤/ ٤٢.