ويقول ابن كثير: «{وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ}[لقمان: ١٧]، علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، لا بد أن يناله من الناس أذى، فأمره بالصبر.
وقوله: {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧)} [لقمان: ١٧] أي: إن الصبر على أذى الناس لمن عزم الأمور» (١).
ويقول ابن سعدي: «ولما علم أنه لا بد أن يبتلى إذا أمر ونهى وأن في الأمر والنهي مشقة على النفوس، أمره بالصبر على ذلك؛ فقال:{وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ}[لقمان: ١٧] الذي وعظ به لقمان ابنه {مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧)} [لقمان: ١٧] أي: من الأمور التي يعزم عليها، ويهتم بها، ولا يوفق لها إلا أهل العزائم» (٢).
كما وصى الله بذلك رسوله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (١٠)} [المزمل: ١٠].
ويبيِّن شيخ الإسلام ابن تيمية جملة من الصفات التي يجب أن يتصف بها القائم بهذه الشعيرة وأن يتحقق بها ويصطحبها فيقول:«لا بد من العلم والرفق والصبر، فالعلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعده»(٣).
رابعًا: ولا بد أن يكون رفيقًا فيما يأمر به رفيقًا فيما ينهى عنه:
وفي نحو ذلك جاءت وصيته تعالى لموسى وهارون -عليه السلام- فقال لهما: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٤٣) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤)} [طه: ٤٣ - ٤٤].
(١) ابن كثير (٦/ ٣٣٩). (٢) ابن سعدي (٦/ ١٣٥٣). (٣) مجموع فتاوى ابن تيمية (جـ ٢٨) (من ص ١٣٤ إلى ص ١٣٧).