قال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢)} [المطففين:٢].
١٤٦/ ١ - قال ابن عقيل:({اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ} يعني: من الناس اهـ)(١).
الدراسة:
فسر ابن عقيل [على] بـ[من] في هذه الآية، أي: إذا اكتالوا من الناس يستوفون، وهو قول ابن قتيبة (٢)، والطبري (٣)، والزجاج (٤)، والنحاس (٥)، والسمرقندي (٦)، وكافة العلماء على هذا التفسير (٧).
قال الفراء:({اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ}[المطففين:٢] يريد اكتالوا من الناس، وهما تعتقبان - على ومن - في هذا الموضع؛ لأنه حق عليه، فإذا قال: اكتلت عليك فكأنه قال: أخذت ما عليك، وإذا قال: اكتلت منك، فهو كقولك: استوفيت منك)(٨).
وقال ابن الجوزي:(قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ}[المطففين:٢] أي: من الناس فـ[على] بمعنى [من] في قول المفسرين واللغويين)(٩).
ومما يحسن التنبيه عليه عند هذه الآية:
أنه إذا كان الأصل في اللغة أن يقال: اكتلت من فلان، ولا يقال: اكتلت على فلان (١٠)، فما وجه استخدام [على] مكان [من] في هذا الموضع؟.
فأقول: الجواب من وجوه:
الأول: أن [على] و [من] يتعاقبان كما قال الفراء (١١) وغيره (١٢)، فهما بمعنى واحد، ويجوز استخدام أحدهما مكان الآخر؛ ليكون في ذلك تنبيه لأمر آخر، كما سيأتي.
(١) الواضح ١/ ١٢٢. (٢) تأويل مشكل القرآن ص ٣٠٠. (٣) جامع البيان ٢٤/ ١٨٦. (٤) معاني القرآن وإعرابه ٥/ ٢٩٧. (٥) معاني القرآن ٢/ ٣٨٠. (٦) تفسير السمرقندي ٣/ ٥٣٤. (٧) ينظر: معالم التنزيل ٤/ ٤٢٧، الكشاف ٤/ ٧٢٠، المحرر الوجيز ٥/ ٤٥٠، زاد المسير ٨/ ٢١٩، تفسير ابن كثير ٨/ ٣٧٢٨، لسان العرب ١١/ ٦٠٤. (٨) معاني القرآن ٣/ ٢٤٦. (٩) زاد المسير ٨/ ٢١٩. (١٠) التفسير الكبير ٣١/ ٨٠، مغني اللبيب ص ١٥١. (١١) معاني القرآن ٣/ ٢٤٦. (١٢) ينظر: جامع البيان ٢٤/ ١٨٦.