وقوله تعالى:{مُتَعَمِّدًا}[المائدة:٩٥] يحتمل المتعمد الصيد الذاكر للإحرام، ويحتمل أيضاً المتعمد الصيد الناسي للإحرام، والواجب عدم التفريق بينهما، فيحمل على عموم العمد.
ومما يؤيد هذا القول: أن القتل إتلاف، والإتلاف يضمن عمده وخطؤه؛ فيستدل به على أن التعمد ليس بشرط (١).
ومن فوائد التقييد به: أن المتعمد إنما ذكر ليُعَلَّقَ به الوعيد في قوله: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}[المائدة:٩٥] إذ لا وعيد على الناسي (٢).
وقال الزركشي:(فإن قيل: فما فائدة التقييد في هذا القسم إذا كان المسكوت عنه مثله، وهلا حُذفت الصفة واقتصر على قوله:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ}[المائدة:٩٥]؟. قلنا: لتخصيص الشيء بالذكر فوائد منها: اختصاصه في جنسه بشيء لا يشركه فيه غيره من جملة الجنس كما في هذه الآية)(٣).
ويجاب على دليل مجاهد بما يلي:
١ - أنه خلاف النص؛ فالذاكر لإحرامه متعمد، وفي سياق الآية:{لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ}[المائدة:٩٥] والمخطئ والناسي لا إثم عليهما (٤).
٢ - قال القرطبي:(ودليلنا على مجاهد: أن الله سبحانه أوجب الجزاء ولم يذكر الفساد، ولا فرق بين أن يكون ذاكراً للإحرام أو ناسياً له، ولا يصح اعتبار الحج بالصلاة فإنهما مختلفان)(٥).
(١) ينظر: البرهان ٢/ ٢٢، المغني ٥/ ٣٩٧. (٢) التسهيل ١/ ٢٥٠. (٣) البرهان ٢/ ٢٢، يوضح هذا مثلاً: أننا لو نظرنا إلى قصة سبب النزول لإحدى الآيات لرأينا أن لها اختصاصاً وأولوية في لفظ الآية ومعناها، مع أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. (٤) ينظر: المغني ٥/ ٣٩٥. (٥) الجامع لأحكام القرآن ٦/ ١٩٩.