قدم بغداد حاجّا، فى شوّال، سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة، وحدّث بها.
روى عنه القاضى أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى السّعدىّ، قال: سمعت أبا جعفر أحمد (١) بن أحمد (١) بن أحيد بن حمدان الفقيه، يقول: سمعت علىّ بن موسى القمّىّ، يقول:
سمعت محمد بن شجاع، يقول: بعث معروف الكرخىّ، وكان موصوفا بالعبادة، رجلا من أصحابه إلى دار أبى يوسف القاضى، وكان عليلا، فقال له: أظنّه قد مات، فإن أخرج ليدفن فأعلمنى، لأحضر جنازته. قال: فذهب الرجل، فاستقبلته جنازة أبى يوسف على باب داره، وصلّى عليه فى مسجده، ودفن بقرب داره، فلم يلحق الرجل أن يرجع إلى معروف قبل أن يصلّى عليه، فلمّا فرغ من دفنه، صار إلى معروف، فأخبره الخبر، فجعل معروف يتوجّع لما فاته من الصلاة عليه، ويظهر الغمّ لذلك، فقال له الرجل: يا أبا محفوظ: أنت آسف على رجل من أصحاب السّلطان، يلى القضاء، ويرغب فى الدّنيا، أن لم تحضر جنازته؟! فقال له معروف: رأيت البارحة [كأنّى](٢) دخلت الجنّة، فرأيت قصرا قد فرشت مجالسه، وأرخيت ستوره، وقام ولدانه، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: ليعقوب بن إبراهيم الأنصارىّ أبى يوسف. فقلت: يا سبحان الله، بم استحقّ هذا من الله تعالى؟ فقالوا: بتعليمه الناس العلم، وصبره على أذاهم. رضى الله تعالى عنه.