(بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم قال أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني ﵁ وأرضاه.
الحمد لله الذي ابتدأ الإنسان بنعمته، وصوره في الأرحام بحكمته؛ وأبرزه إلى رفقه، وما يسره له من رزقه، وعلمه ما لم يكن يعلم، وكان فضل الله عليه عظيما. ونبهه بآثار صنعته، وأعذر إليه على ألسنة المرسلين الخيرة من خلقه، فهدى من وفقه بفضله، وأضل من خذله بعدله، ويسر المؤمنين لليسرى وشرح صدورهم للذكرى، فآمنوا بالله بألسنتهم ناطقين، وبقلوبهم مخلصين، وبما أتتهم به رسله وكتبه عاملين، وتعلموا ما علمهم، ووقفوا عند ما حد لهم، واستغنوا بما أحل لهم، عن ما حرم عليهم.
(أما بعد) أعاننا الله وإياك على رعاية ودائعه، وحفظ ما أودعنا من شرائعه فإنك سألتني أن أكتب لك جملة مختصرة من واجب أمور الديانة، مما تنطق به الألسنة، وتعتقده القلوب، وتعمله الجوارح، وما يتصل بالواجب من ذلك من السنن من مؤكدها، ونوافلها، ورغائبها، وشيء من الآداب منها، وجمل من أصول الفقه وفنونه، على مذهب (الإمام)(١) مالك بن أنس رحمه الله تعالى وطريقته، مع ما سهل سبيل ما أشكل من ذلك من تفسير الراسخين، وبيان المتفقهين، لما رغبت (فيه)(٢) من
(١) في بعض النسخ ساقطة. (نسخة رقم ١). (٢) في بعض النسخ ساقطة.