علاء الدين أبو عبد الله مغلطاي بن قلِيج بن عبد الله البَكْجَرىّ الحنفيّ. وُلِدَ بالقاهرة، وسمع بها جملة من مشايخ عصره، منهم: التاج أحمد بن دقيق العيد، والوانيّ، والخُتَنّي، والدبوسي، وغيرهم، وتخرّج بابن سيد الناس اليعمَرى. ورحل إِلى دمشق، فسمع بها على شيوخ العصر، وبرع في الحديث والأنساب. وولى التدريس بعدة مدارس بمصر منها المدرسة الظاهرية (١)، وليها بعد شيخه ابن سيد الناس، فتحامل الناسُ عليه بسبب ذلك، وتكلموا فيه من أجل ادعائه سماع بعض لا يُحتمل سماعُه منهم، وهي مسألة أكثروا الكلام فيها، والظاهر أن وراءها دوافع أخرى.
ويبدو لنا أن علاء الدين مغلطاي صرف جُلَّ عنايته لدراسة المؤلفات السابقة ونقدها، وأُولعَ بالردّ والاستدراك عليها، ساعده على ذلك كثرة اطلاعه، ودأبه وتوافر الكتب، والمصادر الكثيرة لديه (٢)؛ فقد ذيَّل على "إِكمال الإِكمال" للحافظ بن نقطة البغدادي (ت ٦٢٩)، و"تكملة إِكمال الإكمال" لأبي حامد ابن الصابوني (ت ٦٨٠)، و"الذيل" على كتاب ابن نقطة الذي ألفه منصور بن سَلِيمْ الإسكندراني (ت ٦٧٣)، كما ذيل على كتاب الضعفاء لابن الجوزى (ت ٥٩٧)، ووضع شيئًا على "الروض الأنُف" للسهيلي (ت ٥٨١)(٣)، وقال الشهاب ابن رجب:"وعدة تصانيفه نحو المئة أو أزيد، وله مآخذ على أهل اللغة، وعلى كثير من المحدثين"(٤).
ومن هذا المنطلق عُنى علاء الدين مُغُلطاى بالكتابين العظيمين اللذين ألفهما المِزى، وهما: تحفة الأشراف، وتهذيب الكمال، فكتب كتابًا فى "أوهام الأطراف"(٥) ثم كتب كتابه العظيم "إِكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال"(٦).
ذكر مُغُلطاي في مقدمة كتابه أن استدراكه هذا لا يَنْقُصُ من قيمة كتاب المزى وأهميته، وقال: ومعتقدى أن لو كان الشيخ حيًّا لرحَّب بهذا الإِكمال. وذكر عظمة كتاب المزى ومنزلته، ثم أخذ عليه جملة أمور من أبرزها:
١ - ذكره أشياء لا حاجة إِليها مثل الأسانيد التي يذكرها من باب العلو، أو الموافقات أو نحو ذلك.
٢ - ذكره للترجمة النبوية، وأخذه معظم ما ذكره فيها من كتاب أبي عمر بن عبد البر.
٣ - إيراد بعض أخبار المترجمين مما لا ينفع فى بيان أحوالهم فى التوثيق أو التجريح.
٤ - محاولة المِزى استيعاب شيوخ صاحب الترجمة، والرواة عنه، مع أن الإِحاطة بذلك متعذرة لا سبيل إليها.
٥ - مسامحة المزى لصاحب "الكمال" في بعض المواضع التي لم يردَّ عليه فيها.
(١) وفيات ابن رافع، الورقة: (٩٢ - ٩٣)، والبداية لابن كثير، (١٤/ ٢٨١)، والدرر لابن حجر: (٥/ ١٢٢)، ولسان الميزان: (٦/ ٧٢)، ولحظ الألحاظ لابن فهد: (١٣٩) والنجوم لابن تغري بردي (٦/ ١٩٧)، وذيل طبقات الحفاظ للسيوطيّ: (٣٦٥). (٢) الدرر لابن حجر (٥/ ١٢٣). (٣) لحظ الألحاظ لابن فهد: (١٣٩). (٤) الدرر (٥/ ١٢٣). (٥) ذيل طبقات الحفاظ للسيوطي: (٣٦٦). (٦) أخذت هذا العنوان من النسخة التي بخط المؤلف وهى مسودته، وعندى مصورتها.