الثالثة: أن هذا قد روي من حديث الحسن بن عُمارة عن الحَكَم عن مِقْسم عن ابن عباس (١). والحَسَن لا يُحتَجّ به، وقد سُئل الحَكَم: أصلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على قتلى أُحُد؟ قال: لا. سأله شعبة (٢).
وقد روى أبو داود (٣) عن أبي سلَّام عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه: فصلَّى عليه ودفنه، فقالوا: يا رسول الله، أشهيد هو؟ قال:«نعم، وأنا له شهيد»، وقد تقدم (٤).
قالوا: وهذه آثار يقوّي بعضها بعضًا، ولم يختلف فيها، وقد اختُلِف في شهداء أحد. فكيف يؤخذ بما اختلف فيه، وتُترَك هذه الآثار؟
والصواب في المسألة: أنه مخير بين الصلاة عليهم وتركها لمجيء
(١) أخرجه مسلم في مقدمة «صحيحه» (عند ذكر كلام الأئمة في الضعفاء والمتّهمين) والبيهقي (٤/ ١٣). والحسن بن عمارة متروك الحديث، ولعله هو الذي أبهمه ابن إسحاق فلم يذكر اسمه. انظر: «الروض الأنف» (٦/ ٤٣). (٢) أخرجه مسلم في مقدمة «صحيحه» والبيهقي (٤/ ١٣)، وبه استدل شعبة على كذب الحسن بن عمارة، فإنه يروي عن الحَكَم أشياء لا أصل لها عنه. (٣) رقم (٢٥٣٩)، وفي إسناده الوليد بن مسلم، وهو مدلس، وقد عنعنه. انظر: «ضعيف أبي داود ــ الأم» للألباني (٢/ ٣١٣). (٤) «المختصر» (٢٤٢٨) ولم يتقدَّم معنا في التجريد. والحديث في (هـ) بتمامه، ولعل الاقتصار في الأصل على ذكر موضع الشاهد منه من تصرّف المجرِّد، وكذا قوله: «وقد تقدّم» فإنه ليس في (هـ).