وأما ما ذكره مِن قتل شارب الخمر بعد الرابعة، فقد قال طائفة من العلماء: إن الأمر بقتله في الرابعة متروك بالإجماع، وهذا هو الذي ذكره الترمذي (١) وغيره.
وقيل: هو منسوخ بحديث عبد الله «حمار»(٢) وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقتله في الرابعة (٣).
وقال الإمام أحمد (٤) وقد قيل له: لم تركتَه؟ فقال: لحديث عثمان: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث»(٥).
وفي ذلك كله نظر. أما دعوى الإجماع على خلافه، فلا إجماع. قال عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو:«ائتوني به في الرابعة، فعلي أن أقتله»(٦). وهذا مذهب بعض السلف.
(١) في «جامعه» عقب الحديث (١٤٤٤). (٢) في الطبعتين هنا وفي الموضع الآتي: «عبد الله بن حمار» خلافًا للأصل، وهو خطأ إذ إن «حمار» لقب له، وليس اسم أبيه. (٣) أخرجه البخاري (٦٧٨٠) من حديث عمر، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جَلَده في الشراب فأُتي به يومًا فأمر به فَجُلِد، فقال رجل من القوم: اللهم العَنْه، ما أكثرَ ما يؤتى به! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تلعنوه ... » الحديث. وليس فيه التصريح بعدد مرّات المجيء. (٤) في «مسائله» رواية ابن هانئ (٢/ ١٣٩ - ١٤٠). (٥) أخرجه أحمد (٤٣٧، ٤٥٢)، وأبو داود (٤٥٠٢)، والترمذي (٢١٥٨) وحسّنه، والنسائي (٤٠١٩، ٤٠٥٧، ٤٠٥٨) من طرق صحاح. وهو في «الصحيحين» من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -. (٦) لم أجده عن ابن عمر، وأما قول عبد الله بن عمرو فأخرجه أحمد (٦٧٩١) والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣/ ١٥٩)، والطبراني في «الكبير» (١٤/ ١٦) من رواية الحسن البصري عنه، وهي مرسلة فإن الحسن لم يسمع منه، كما جزم به علي ابن المديني. انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص ٤١).