أحدها: أن يكون أراد بذلك إكرام ولده، فقد كان مسلمًا بريئًا من النفاق.
والثاني: أنه - صلى الله عليه وسلم - ما سُئل شيئًا قطّ فقال: لا.
والثالث: أنه كان قد أعطى العباس عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قميصًا لمّا أُسِرَ يوم بدر، ولم يكن على العباس ثياب يومئذ، فأراد أن يكافئه على ذلك لئلا يكون لمنافق عنده يد لم يُجازِه عليها (١).
والرابع: أنه يَحتمِل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما فعل ذلك قبل أن ينزل قوله عز وجل:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}[التوبة: ٨٤](٢).
قال ابن القيم - رحمه الله -: ولا تعارض بين هذين الحديثين بوجه، فإن حديث أسامة صريح بأنه أعطاه القميص وقت موته، فكفنه فيه، وحديث جابر بن عبد الله (٣) لم يقل فيه: إنه ألبسه قميصه حين أخرجه من قبره، وإنما فيه:«أنه نفث عليه من ريقه، وأجلسه على ركبتيه، وألبسه قميصه»، فأخبر بثلاث جُمَل متباينة: الأُولَيان منها يتعين أن تكونا بعد الإخراج من القبر، والثالثة لا يتعيّن فيها ذلك، ولعل جابرًا (٤) لما رأى عليه القميص في تلك الحال ظن أنه ألبسه إياه حينئذ.
٢ - باب العيادة من الرمد
٣٢٥/ ٢٩٧٤ - عن زيد بن أرقم، قال: عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وَجَع كان
(١) انظر: «صحيح البخاري» (٣٠٠٨). (٢) جاء ذلك مصرّحًا به في حديث ابن عمر المتقدم. (٣) في الأصل: «عبد الله بن عمر»، وهو سبق قلم، وقد تقدم الحديث آنفًا. (٤) في الأصل: «ابن عمر»، كسابقه.