لحوم الحمر شيئًا»، فقال أناس: إنما نهى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنها لم تُخمَّس، وقال آخرون: نهى عنها البتة (١). وقال البخاري في بعض طرقه (٢): «نهى عنها البتة لأنها كانت تأكل العَذِرة». فهذه علّتان.
العلة الثالثة: حاجتهم إليها، فنهاهم عنها إبقاءً لها كما في حديث ابن عمر المتفق عليه (٣): «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية»، زاد في طريق أخرى: وكان الناس قد احتاجوا إليها.
العلة الرابعة: أنه إنما حرمها لأنها رجس في نفسها. وهذه أصح العلل، فإنها هي التي ذكرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلفظه كما في «الصحيحين»(٤) عن أنس قال: لما افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر أصبنا حمرًا خارجةً من القرية وطبخناها فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا إن الله ورسوله ينهيانكم عنها فإنها رجس من عمل الشيطان». فهذا نص في سبب التحريم، وما عدا هذه من العلل فإنما هي حدْسٌ وظنّ ممن قاله.
٣ - باب أكل الطافي
٤٦٨/ ٣٦٦٧ - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أَلقَى البحرُ أو جَزَرَ عنه فكُلُوه، وما مات فيه وطَفَا فلا تأكلوه»(٥).
(١) أخرجه البخاري (٣١٥٥) ومسلم (١٩٣٧). (٢) برقم (٤٢٢٠). (٣) سبق تخريجه، والزيادة الآتية عند مسلم برقم (٥٦١/ ٢٥) (ج ٣، ص ١٥٣٨) (٤) سبق تخريجه. (٥) «سنن أبي داود» (٣٨١٥)، من طريق يحيى بن سُليم الطائفي، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعًا. وقد أعله الأئمة بالوقف كما سيأتي.