قال: واختلف الناس في يوم عاشوراء، هل كان صومه واجبًا أو تطوعًا؟ فقالت طائفة، كان واجبًا. وهذا قول أصحاب أبي حنيفة (١)، وروي عن أحمد (٢).
وقال أصحاب الشافعي (٣): لم يكن واجبًا، وإنما كان تطوعًا، واختاره القاضي أبو يعلى، وقال (٤): هو قياس المذهب.
واحتج هؤلاء بثلاث حجج:
إحداها: ما أخرجا في «الصحيحين»(٥) عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان خطيبًا بالمدينة ــ يعني في قَدْمَةٍ قَدِمها ــ خطبهم يوم عاشوراء، فقال: أين علماؤكم، يا أهل المدينة؟ سمعت [ق ١٤٠] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لهذا اليوم:«هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب الله عليكم صيامَه وأنا صائم، فمن أحبّ منكم أن يصومَ فليَصُم، ومن أحب منكم أن يُفطِرَ فليفطِرْ».
الحجة الثانية: ما في «الصحيحين»(٦) أيضًا عن سلمة بن الأكوع قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من أسلم يوم عاشوراء فأمره أن يؤذن في الناس:
(١). انظر: «شرح معاني الآثار» (٢/ ٧٣ - ٧٤)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ١٠٣). (٢). انظر: «الفروع» (٥/ ٩١ - ٩٢)، وفيه أنه اختيار شيخ الإسلام. (٣). انظر: «المجموع» (٦/ ٤٣٣ - ٤٣٤)، وسيأتي نصّ الشافعي في المسألة من كتابه «اختلاف الحديث». (٤). نقله في «المغني» (٤/ ٤٤١ - ٤٤٢). (٥). البخاري (٢٠٠٣)، ومسلم (١١٢٩). (٦). البخاري (٢٠٠٧)، ومسلم (١١٣٥).