وفي لفظ لهما (٣): قال عمر: والله لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«من يُبكَ عليه يُعذَّب».
وفي «الصحيحين»(٤) عن أنس: أن عمر لما طعن عَوَّلت عليه حفصة، فقال: يا حفصة، أما سمعتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:«المُعَوَّل عليه يعذب»؟
وفي «الصحيحين»(٥) عن المغيرة بن شعبة: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من يُنَحْ (٦) عليه، فإنه يعذب بما نيح عليه».
فهؤلاء عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وابنته حفصة، وصهيب، والمغيرة بن شعبة كلهم يروي ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومُحال أن يكون هؤلاء كلهم وهموا في الحديث.
والمعارضة التي ظنتها أم المؤمنين - رضي الله عنها - بين روايتهم وبين قوله:{لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام:١٦٤] غيرُ لازمةٍ أصلًا. ولو كانت لازمة لزمتْ في روايتها أيضًا:«إن الكافر يزيده الله ببكاء أهله عذابًا»(٧)، فإن الله سبحانه لا يعذب أحدًا بذنب غيره الذي لا سبب له فيه. فما تجيب به أم
(١) إنما هو عند مسلم (٩٢٧/ ٢٠) دون البخاري. (٢) وهو أيضًا عند مسلم (٩٢٧/ ٢١) دون البخاري. (٣) البخاري (١٢٩١)، ومسلم (٩٣٣). (٤) في الطبعتين: «نِيح» خلافًا للأصل، والمثبت من الأصل موافق لرواية أبي ذر عن الحمُّويي والمستملي لـ «صحيح البخاري». انظر: الطبعة السلطانية (٢/ ٨٠)، و «إرشاد الساري» (٢/ ٤٠٥). (٥) أخرجه البخاري (١٢٨٨)، ومسلم (٩٢٩).