واختلف فيه على عمر، فروى زيد بن وهب قال: كنت جالسًا في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان في زمن عمر، فأُتِينا بِعِساسٍ (١) فيها شراب من بيت حفصة، فشربنا ونحن نرى أنه من الليل، ثم انكشف السحاب فإذا الشمس طالعة، قال: فجعل الناس يقولون: نقضي يومًا مكانه، فسمع بذلك عمر فقال: والله لا نقضيه! وما تجانفنا لإثم» رواه البيهقي وغيره (٢).
وقد روى مالك في «الموطأ»(٣) عن زيد بن أسلم: أن عمر بن الخطاب أفطر ذات يوم في رمضان في يوم ذي غيم، ورأى أنه قد أمسى وغابت الشمس، فجاءه رجل فقال له: يا أمير المؤمنين، قد طلعت الشمس، فقال عمر:«الخَطْب يسير، وقد اجتهدنا». قال مالك: يريد بقوله: «الخطب يسير» القضاءَ فيما نُرى. والله أعلم. وكذلك قال الشافعي (٤).
وهذا لا يناقض الأثر المتقدم. وقوله:«وقد اجتهدنا» مُؤذِن بعدم القضاء، وقوله «الخطب يسير» إنما هو تهوين لما فعلوه وتيسير لأمره. ولكن قد رواه الأثرم والبيهقي (٥) عن عمر، وفيه: «من كان أفطر فليصم يومًا
(١). في الأصل والطبعتين: «بكأس» تصحيف، والتصحيح من مصادر التخريج. والعِساس: جمع العُسّ، وهو القَدَح الكبير. (٢). رواه عبد الرزاق (٧٣٩٥)، وابن أبي شيبة (٩١٤٥)، والبيهقي (٤/ ٢١٧). (٣). برقم (٨٣٧). (٤). «الأم» (٣/ ٢٣٨)، ونقله البيهقي في «السنن الكبرى» (٤/ ٢١٧). (٥). (٤/ ٢١٧)، وأخرجه أيضًا عبد الرزاق (٧٣٩٣)، وابن أبي شيبة (٩٠٤٥)، كلهم من طريق علي بن حنظلة عن أبيه عن عمر.