مذهب ابن مسعود. وفي «صحيح البخاري»(١) من حديث ابن مسعود «أنه صلى صلاتين كلَّ واحدةٍ وحدَها بأذان وإقامة». قال ابن المنذر: ورُوِيَ هذا عن عمر - رضي الله عنه -.
قال ابن عبد البر (٢): ولا أعلم في ذلك حديثًا مرفوعًا إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بوجهٍ من الوجوه, ولكنه رُوِيَ عن عمر بن الخطاب أنه صلاهما بالمزدلفة كذلك. ومذهب إسحاق وسالم والقاسم: أنه يصليهما بإقامتين فقط، وحُجَّتهم حديث ابن عمر المتقدِّم، وهو رواية عن أحمد. ومذهب أحمد والشافعي في الأصح عنه وأبي ثور وعبد الملك الماجشون والطحاوي: أنه يصليهما بأذان واحد وإقامتين. وحجتهم: حديث جابر الطويل.
وقد تكلَّف قومٌ الجمعَ بين هذه الأحاديث بضروبٍ من التكلُّف. وعن ابن عمر في ذلك ثلاث روايات. إحداهن: أنه جمع بينهما بإقامتين فقط, والثانية: أنه جمع بينهما بإقامة واحدة لهما, وقد ذكر أبو داود الروايتين (٣) , والثالثة: أنه صلاهما بلا أذان ولا إقامة, ذَكَر ذلك البغوي (٤): حدثنا الحجَّاج بن المِنهال، حدثنا حماد بن سلمة، عن أنس بن سيرين قال: «وقفتُ مع ابن عمر بعرفة, وكان يُكثِر أن يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد, وهو على كل شيء قدير, فلما أفضنا من عرفة دخل
(١) (١٦٨٣). (٢) في «التمهيد»: (٩/ ٢٦١ - ٢٦٥). (٣) (١٩٢٨ - ١٩٣٣). (٤) أخرجه ابن حزم في «حجة الوداع» (ص ٢٨٥) من طريق علي بن عبد العزيز البغوي به.