وفي «الصحيحين»(١) عن الصّعْب بن جَثَّامة: «أنه أَهْدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارًا وحشيًّا, وهو بالأبواء أو بودَّان، فردَّه عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -, وقال: «إنّا لم نردَّه عليك إلا أنا حُرُم». ورواه مسلم (٢) عن سفيان, وقال:«لحم حمار وَحْش».
قال الحُمَيدي: كان سفيان يقول في الحديث: «أَهديتُ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحمَ حمارِ وَحْشٍ»، وربما قال سفيان:«يقطر دمًا»، وكان فيما خلا ربما قال:«حمار وحش» ثم صار إلى «لحم» حتى مات.
وفي رواية لمسلم (٣): «شقّ حمار وحش وهو محرم (٤) فردَّه»، وفي رواية له:«عَجُز حمار فردَّه»، وفي رواية له:«رجل حمار».
قال الشافعي (٥): فإن كان الصّعْبُ أهدى للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الحمار حيًّا, فليس لمُحْرِم ذبح حمار وحشيّ, وإن كان أَهدَى له لحمًا, فقد يحتمل أن يكون علم أنه صِيْدَ له, فردَّه عليه. وإيضاحه في حديث جابر.
قال: وحديث مالك «أنه أهدى إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حمارًا» أثبت مِن حديث من حَدَّث (٦)«أنه أهدى له من لحم حمار». تم كلامه.
(١) أخرجه البخاري (١٨٢٥)، ومسلم (١١٩٣). (٢) (١١٩٣/ ٥٢). (٣) كل هذه الروايات برقم (١١٩٣/ ٥٤). (٤) «وهو محرم» ليست في «صحيح مسلم». (٥) نقله البيهقي في «معرفة السنن والآثار»: (٤/ ١٩٩)، و «السنن الكبرى»: (٥/ ١٩٣). (٦) «من حدّث» سقطت من ط. الفقي.