قال ابن القيم - رحمه الله -: وفي هذا الحديث ردّ على من قال: إن الناس يوم القيامة إنما يُدعَون بأمهاتهم، لا بآبائهم.
وقد ترجم البخاري في «صحيحه»(١) لذلك فقال: «باب ما يدعى الناس بآبائهم»، وذكر فيه حديث نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«الغادر يُرفَع له لواء يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان بن فلان».
واحتج من قال بالأوّل بما رواه الطبراني في «معجمه»(٢) من حديث سعيد بن عبد الله الأودي قال: شهدتُ أبا أمامة وهو في النزع، قال: إذا متُّ فاصنعوا بي كما أمرَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، [أن نصنع بموتانا؛ أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] فقال: «إذا مات أحد من إخوانكم فسوَّيتم الترابَ على قبره، فليَقُم أحدُكم على رأس قبره، ثم ليقل: يا فلان بن فلانة، فإنه يسمعه ولا يُجيبه، ثم يقول: يا فلان بن فلانة، [فإنه يستوي قاعدًا، ثم يقول: يا فلان بن فلانة،] فإنه يقول: أرشِدْنا رحمك الله ... » فذكر الحديث وفيه: فقال رجل: يا رسول الله، فإن لم يعرف أمَّه، قال:«فلينسِبْه إلى أمه حوّاء: فلان بن حواء».
ولكن هذا الحديث متفق على ضعفه فلا تقوم به حجة فضلًا عن أن يعارَض به ما هو أصح منه.
وفي «الصحيحين»(٣) عن أبي موسى قال: «وُلد لي غلام فأتيت به
(١) كتاب الأدب، وحديث ابن عمر فيه برقم (٦١٧٧). (٢) الكبير (٨/ ٢٩٨ - ٢٩٩)، وما بين الحاصرتين مستدرك منه، ولعله سقط لانتقال النظر. والحديث ضعيف كما سينصّ عليه المؤلف، وضعفه ابن الصلاح والنووي في آخرين. انظر: «المقاصد الحسنة» (٣٤٦)، و «إرواء الغليل» (٧٥٣). (٣) البخاري (٥٤٦٧، ٦١٩٧)، ومسلم (٢١٤٥).