بعيرَيَّ هذين، فإنك لا تحملُ لي من مالِك ولا مِن مالِ أبيك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا وأستغفرُ الله، لا وأستغفر الله، لا وأستغفر الله، لا أحملُ لك حتَّى تُقيدَني من جَبْذَتِك التي جَبَذتَني»، فكُلُّ ذلك يقول له الأعرابي: والله لا أُقيدُكها ــ فذكر الحديث ــ قال: ثم دعا رجلًا، فقال له:«احمل له على بَعِيرَيه هذين، على بعيرٍ شعيرًا، وعلى الآخر تمرًا»، ثم التفت إلينا فقال:«انصرفُوا على بركة الله تعالى».
وأخرجه النسائي (١).
وقال الدارقطني (٢): تفرد به محمد بن هلال عن أبيه عن أبي هريرة.
وسئل الإمام أحمد بن حنبل عن محمد بن هلال الذي يروى عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ثقة، وقال مرة: ليس به بأس، قيل: أبوه؟ قال: لا أعرفه. وسئل أبو حاتم الرازي عن محمد بن هلال؟ قال: صالح، وأبوه ليس بمشهور (٣).
قال ابن القيم - رحمه الله -: وقد أخرجا في «الصحيحين»(٤) من حديث أنس قال: كنت أمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذةً شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء.
وفي «الصحيحين»(٥) عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس
(١) أبو داود (٤٧٧٥)، والنسائي (٤٧٧٦). (٢) في «الأفراد والغرائب»، كما في «أطرافه» (٢/ ٣٣٤). (٣) انظر: «الجرح والتعديل» (٨/ ١١٦). (٤) البخاري (٥٨٠٩، ٦٠٨٨)، ومسلم (١٠٥٧). (٥) البخاري (٦١١٤)، ومسلم (٢٦٠٩).