فقال: إن كنتَ مبتاعًا هذا الفرسَ وإلا بعتُه، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سمع نداء الأعرابي فقال:«أوَليسَ قد ابتَعْتُه منك؟»، فقال الأعرابيُّ: لا واللهِ ما بعتُك! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بلى قد ابتَعْتُه منك»، فطفق الأعرابي يقول: هَلُمَّ شَهِيدًا، فقال خُزيمة بن ثابت: أنا أشهد أنك قد بايعته، فأقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - على خزيمة فقال:«بِمَ تَشهَد؟» فقال: بتصديقك يا رسول الله، فجعل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - شهادةَ خزيمة بشهادة رجلين.
وأخرجه النسائي (١).
وهذا الأعرابي هو: سَواءُ بن الحارثِ ــ وقيل: قيسٍ ــ المُحاربي، ذكره غير واحد في الصحابة. وقيل: إنه جحد البيع بأمر بعض المنافقين.
وقيل: إن هذا الفرس هو «المرتجز» المذكور في أفراس النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال الشافعي (٢): وقد حفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه بايع أعرابيًا في فرس فجحد الأعرابي بأمر بعض المنافقين ولم يكن بينهما بينة، فلو كان حتمًا لم يبايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلا بينة ــ يريد قوله تعالى:{وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}[البقرة: ٢٨٢]ــ (٣).
قال ابن القيم - رحمه الله -: وقد احتج بهذا الحديث من يرى أن للحاكم أن يحكم بعلمه، قال: وجرت شهادة خزيمة في ذلك مجرى التوكيد والاستظهار، ولهذا لم يكن معها يمين (٤).
(١) أبو داود (٣٦٠٧)، والنسائي (٤٦٤٧)، وكذلك الحاكم (٢/ ١٧ - ١٨) من طرق عن الزهري، عن عمارة بن خُزيمة به. (٢) «الأم» (٤/ ١٨٠). (٣) كلام المنذري مثبت من (هـ)، وفيه اختصار وتصرّف من المؤلف عمّا في «المختصر» المخطوط، وليس في مطبوعته النقل عن الشافعي. (٤) انظر: «معالم السنن» للخطابي (٥/ ٢٢٤)، وأن للحاكم أن يحكم بعلمه هو قول الشافعي. انظر: «نهاية المطلب» (١٨/ ٥٨٠).