النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما كان الإسلام غريبًا، وذلك بصبرهم عليه حال الغربة، روى مسلم في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«بَدَأَ الإِسْلَامُ غَرِيْبًا، وَسَيَعُوْدُ غَرِيْبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوْبَى لِلغُرَبَاءِ»(١)، وجاء في الحديث الآخر أنهم:«أُنَاسٌ صَالِحُونَ فِي أُنَاسِ سَوْءٍ كَثِيرٍ، مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ»(٢)، وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن القابض على دينه في آخر الزمان كالقابض على الجمر، روى الطبراني في معجمه الكبير من حديث عتبة بن غزوان أخي بني مازن بن صعصعة وكان من الصحابة أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«إِنَّ مِنْ وَرَاءِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ، المُتَمَسِّكُ فِيهِنَّ يَوْمَئِذٍ بِمِثْلِ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ لَهُ كَأَجْرِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ» قالوا: يا نبي الله أَوَمِنْهُم، قال:«بَلْ مِنْكُمْ»(٣).
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما ذكر ما يحصل في آخر الزمان من الفتن، قال:«المُتَمَسِّكُ يَوْمَئِذٍ بِدِينِهِ كَالقَابِضِ عَلَى الجَمْرِ أو قال: عَلَى الشَّوْكِ»(٤).
فأوصي نفسي، وإخواني بالثبات على ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، والصبر على ذلك قال تعالى:{وَالعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَاّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[العصر: ١ - ٣]، وقال تعالى:{وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ}[يونس: ١٠٩]، وقال تعالى:{وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص: ٨٣]، ولا شك أن المسلم في هذه الأزمنة يواجه فتن
(١) برقم (١٤٥). (٢) قطعة من حديث في مسند الإمام أحمد (١١/ ٢٣١) برقم (٦٦٥٠) وقال محققوه: حديث حسن لغيره. (٣) سبق تخريجه. (٤) سبق تخريجه.