نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (٦٦)} [النحل: ٦٦]، «أي يتخلص الدم بياضه وطعمه وحلاوته من بين فرث ودم في باطن الحيوان، فيسري كل إلى موطنه إذا نضج الغذاء في معدته، تصرف منه دم إلى العروق،] ولبن إلى الضرع [، وبول إلى المثانة، وروث إلى المخرج، وكل منها لا يشوب الآخر، ولا يمازجه بعد انفصاله عنه ولا يتغير به. لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ: أي: لا يغص] به أحد [»(١).
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ، وَمَنْ سَقَاهُ اللَّه لَبَنًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَزِدْنَا مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُجْزِئُ مَكَانَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلَّا اللَّبَنُ»(٢).
قال القرطبي:«وفي الدعاء بالزيادة منه علامة الخصب، وظهور الخيرات والبركات، فهو مبارك كله»(٣).
وقال ابن القيم - رحمه الله -: «واللبن أنفع المشروبات للبدن الإنساني، لما اجتمع فيه من التغذية والدموية، ولاعتباره حال
(١) تفسير ابن كثير - رحمه الله - (٨/ ٣٢٤). (٢) (٣/ ٤٤٠) برقم ١٩٧٨، وقال محققوه: حديث حسن. (٣) تفسير القرطبي (١٢/ ٣٥٦ - ٣٥٧).