أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسلف منه حين غزا حُنينًا ثلاثين أو أربعين ألفًا، فلما قدم قضاها إياه، ثم قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، إِنَّمَا جَزَاءُ السَّلَفِ الْوَفَاءُ وَالْحَمْدُ»(١).
وبعد أن أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة تسعة عشر يومًا (٢)، خرج إلى حنين يوم السبت لست ليالٍ خلون من شهر شوال سنة ثمان للهجرة، واستعمل عتاب بن أسيد - رضي الله عنه - أميرًا على مكة، وهو أول أمير في الإسلام على مكة (٣).
ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اثنا عشر ألفًا من المسلمين: عشرة آلاف الذين جاؤوا معه من المدينة لفتح مكة، وألفان من أهل مكة وهم الطلقاء (٤)، وأكثرهم حديثو عهد بالإسلام، لم يتمكن الإسلام من قلوبهم (٥)، وخرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناس من
(١) أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الصدقات، باب حسن القضاء برقم ٢٤٢٤، والإمام أحمد في مسنده برقم ١٦٤١٠، وقال محققوه: إسناده صحيح على قلب في اسم أحد رواته. (٢) أخرج ذلك البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة زمن الفتح برقم ٤٢٩٨، ٤٢٩٩. (٣) أخرج استعمال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عتَّاب بن أسيد على مكة: الطيالسي في مسنده برقم ١٤٥٣، وأورده الحافظ في الإصابة (٧/ ٦٣) وحسن إسناده. (٤) قال الإمام النووي - رحمه الله - تعالى في شرح مسلم (١٢/ ١٥٨): الطلقاء: بضم الطاء وفتح اللام، وهم الذين أسلموا من أهل مكة يوم الفتح، سموا بذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مَنَّ عليهم وأطلقهم، وكان في إسلامهم ضعف. (٥) سيأتي بعد قليل عن الحديث على شجرة ذات أنواط ما يدل على أن الإسلام لم يتمكن من قلوبهم.