ربهم إلا فتحه، ولا مشكلًا إلا بينه وشرحه، حتى هدى الله تعالى به القلوب من ضلالها، وشفاها به من أسقامها، وأغاثها به من جهلها، فأي بشر أحق بأن يحمد منه - صلى الله عليه وسلم -، وجزاه عن أمته أفضل الجزاء.
وقد كان - صلى الله عليه وسلم - على درجة عظيمة من مكارم الأخلاق، وكرائم الشيم، فإن من نظر في أخلاقه وشيمه - صلى الله عليه وسلم - علم أنها خير أخلاق بني آدم، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان أعلم الخلق وأعظمهم أمانة، وأصدقهم حديثًا، وأحلمهم وأجودهم وأسخاهم، وأشدهم احتمالًا، وأعظمهم عفوًا ومغفرةً، وكان لا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا» (١)، قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القلم:٤].
روى مسلم في صحيحه من حديث سعد بن هشام بن عامر أنه دخل على أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، فقال:«أنْبِئِيني عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَتْ: فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ الْقُرْآنَ»(٢).
وفي رواية: «يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ حَدِّثِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَتْ: يَا بُنَيَّ أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ اللهُ: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القلم:٤]، خُلُقُ مُحَمَّدٍ الْقُرْآنُ» (٣).
(١) جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على رسول الله لابن القيم - رحمه الله -، بتصرف واختصار، ص ١٩٣ - ١٩٧. (٢) برقم ٧٤٦. (٣) مسند أبي يعلى (٨/ ٢٧٥) بإسناد صحيح.