لا يأتي مقعده إلَّا رمي بشهاب يحرق ما أصاب، فشكوا ذلك إلى إبليس، فقال: ما هذا إلا من أمر قد حدث، فبث جنوده، فإذا هم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بين جبلي نخلة، فأتوه فأخبروه، فقال: هذا الحدث الذي حدث في الأرض» (١).
٤ - أن اللَّه أراه جبريل - عليه السلام - في صورته التي خُلق عليها: قال تعالى: {وَلَقَدْ رَأَىهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣)} [التكوير: ٢٣].
روى الإمام مسلم من حديث مسروق قال: كنت عند عائشة - رضي الله عنها -، قال: قلت: أَلَيس اللهُ يَقُولُ: {وَلَقَدْ رَأَىهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣)} وَقَالَ: {وَلَقَدْ رَأَىهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)}، قَالَتْ: أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:«إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ، سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ»(٢).
قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَأَىهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣)} يعني: ولقد رأى محمدٌ جبريلَ - رضي الله عنه - الذي يأتيه بالرسالة عن الله - عز وجل - على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح {بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} وهي الرؤية الأولى التي كانت بالبطحاء وهي المذكورة في قوله تعالى في سورة النجم: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ
(١). (٤/ ٢٨٤) برقم ٢٤٨٢، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط الشيخين. (٢). برقم ١٧٧.