وكما وردت النصوص الكثيرة في فضل التجارة والاستغناء عما في أيدي الناس، فقد وردت نصوص وآثار تذم البطالة وتحذر منها، فمن ذلك: ما رواه مسلم في صحيحه من حديث عياض بن حمار رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ»، وَفِيهِ: «وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ (٢)، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا، لَا يَبْتَغُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا» .. الحديث (٣).
ومن ذلك قول عمر بن الخطاب: لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني، فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة (٤).
وقال ابن مسعود:«إني لأكره أن أرى الرجل فارغًا، لا في أمر دنياه، ولا في أمر آخرته»(٥).
ومما تقدم من النصوص والآثار السابقة، يتبيَّن لنا الآتي:
١ - أن الإنسان يسعى لرزقه ويبذل الأسباب المشروعة كما أُمر، والله تعالى يبارك في هذا السعي، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِين}[الذاريات: ٥٨]. وقال تعالى:{وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون}[الذاريات: ٢٢].
٢ - أن الرزق ليس مرتبطًا بالشهادة الدراسية أو الذكاء، أو
(١) إحياء علوم الدين (٢/ ٩٤٢ - ٩٤٤) بتصرف. (٢) قيل: الذي لا مال له. شرح صحيح مسلم، للنووي (١٧/ ١٩٦). (٣) برقم (٢٨٦٥). (٤) إحياء علوم الدين (٢/ ٩٤٢). (٥) نفس المصدر السابق.