عقر دارهم؛ وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه من أهل الجنة، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس - رضي الله عنه - أنه: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جُبَّةٌ مِنْ سُنْدُسٍ، وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا؛ فَقَالَ:«وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ مَنَادِيلَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا! »(١).
ومن مواقفه العظيمة: مَا رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْعَرِقَةِ، رَمَاهُ فِي الأَكْحَلِ (٢)، فَضَرَبَ عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ يَعُودُهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْخَنْدَقِ وَضَعَ السِّلاحَ فَاغْتَسَلَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهْوَ يَنْفُضُ رَاسَهُ مِنَ الْغُبَارِ، فَقَالَ: وَضَعْتَ السِّلاحَ؟ وَاللهِ وَمَا وَضَعْنَاهُ، اخْرُجْ إِلَيْهِمْ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «فَأَيْنَ؟ » فَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَقَاتَلَهُم رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْحُكْمَ فِيهِم إِلَى سَعْدٍ، قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ، وَتُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ، قَالَ هِشَامٌ: قَالَ أَبِي: فَأُخبِرتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«لَقَد حَكَمَ فِيهِم بِحُكمِ اللهِ عز وجل»، ثُمَّ إِنَّ سَعْدًا قَالَ: وَتَحَجَّرَ كَلْمُهُ لِلْبُرْءِ (٣): اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَ فِيكَ، مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ - صلى الله عليه وسلم - وَأَخْرَجُوهُ.
(١) صحيح البخاري برقم (٣٨٠٢)، وصحيح مسلم برقم (٢٤٦٩) واللفظ له. (٢) عرق في وسط الذراع إذا قطع لم يرقأ الدم. (٣) أي يبس جرحه وكاد أن يبرأ. (٤) أي: نحره.